وقال آخرون منهم: إن هذه صور أقوام سلفوا كانوا مطيعين لله قبلنا، فمثلنا صورهم وعبدناها تعظيما لله.
وقال آخرون منهم: إن الله لما خلق آدم وأمر الملائكة بالسجود له كنا نحن أحق بالسجود لآدم من الملائكة، ففاتنا ذلك فصورنا صورته فسجدنا له تقربا إلى الله تعالى كما تقربت الملائكة بالسجود لآدم إلى الله تعالى، وكما أمرتم بالسجود بزعمكم إلى جهة مكة (كعبة خ ل) ففعلتم، ثم نصبتم في ذلك البلد بأيديكم محاريب سجدتم إليها وقصدتم الكعبة لا محاريبكم، وقصدكم بالكعبة إلى الله عز وجل لا إليها.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: أخطأتم الطريق وضللتم، أما أنتم - وهو يخاطب الذين قالوا: إن الله يحل في هياكل رجال كانوا على هذه الصور التي صورناها، فصورنا هذه نعظمها لتعظيمنا لتلك الصور التي حل فيها ربنا - فقد وصفتم ربكم بصفة المخلوقات، أو يحل ربكم في شئ حتى يحيط به ذلك الشئ؟ فأي فرق بينه إذا وبين سائر ما يحل فيه من لونه وطعمه ورائحته ولينه وخشونته وثقله وخفته؟ ولم صار هذا المحلول فيه (1) محدثا وذلك قديما دون أن يكون ذلك محدثا وهذا قديما؟
وكيف يحتاج إلى المحال من لم يزل قبل المحال وهو عز وجل كما لم يزل؟ (2) وإذا وصفتموه بصفة المحدثات في الحلول فقد لزمكم أن تصفوه بالزوال، (3) أما ما وصفتموه بالزوال والحدوث فصفوه بالفناء، (4) لان ذلك أجمع من صفات الحال و المحلول فيه، وجميع ذلك يغير الذات، فإن كان لم يتغير (5) ذات الباري عز وجل بحلوله في شئ جاز أن لا يتغير (6) بأن يتحرك ويسكن ويسود ويبيض ويحمر و