بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٩ - الصفحة ٢٦٩
ليحصل هذا العالم؟ وكيف يتأتى الخبط والاتفاق مع كون الطبيعتين قاسرتين لهما على الافتراق؟ وتفصيل القول وبسط الكلام في أمثال ذلك يوجب الخروج عن موضوع الكتاب، وإنما نكتفي بإشارات مقنعة لأولي الألباب في كل باب.
2 - تفسير الإمام العسكري (ع)، الإحتجاج: بالاسناد إلى أبي محمد العسكري عليه السلام أنه قال: قلت لأبي علي بن محمد عليهما السلام: هل كان رسول الله صلى الله عليه وآله يناظر اليهود والمشركين إذا عاتبوه ويحاجهم؟
قال: بلى مرارا كثيرة: منها ما حكى الله تعالى من قولهم: " وقالوا مال هذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق لولا انزل عليه ملك " إلى قوله: " رجلا مسحورا " " وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم " " وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا " إلى قوله: " كتابا نقرؤه " ثم قيل له في آخر ذلك: لو كنت نبيا كموسى لنزلت علينا الصاعقة (1) في مسألتنا إليك، لان مسألتنا أشد من مسائل قوم موسى لموسى.
قال: وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان قاعدا ذات يوم بمكة بفناء الكعبة إذا اجتمع جماعة من رؤساء قريش منهم: الوليد بن المغيرة المخزومي، وأبو البختري بن هشام، وأبو جهل بن هشام، والعاص بن وائل السهمي، وعبد الله بن أبي أمية المخزومي وكان معهم جمع ممن يليهم كثير، ورسول الله صلى الله عليه وآله في نفر من أصحابه يقرء عليهم كتاب الله ويؤدي إليهم عن الله أمره ونهيه، فقال المشركون بعضهم لبعض: لقد استفحل أمر محمد (2) وعظم خطبه، فتعالوا: نبدء بتقريعه وتبكيته (3) وتوبيخه والاحتجاج عليه وإبطال ما جاء به ليهون خطبه على أصحابه ويصغر قدره عندهم، فلعله أن ينزعه عما هو فيه (4) من غيه وباطله وتمرده وطغيانه، فإن انتهى وإلا عاملناه بالسيف الباتر.
قال أبو جهل: فمن الذي يلي كلامه ومجادلته؟ (5) قال عبد الله بن أبي أمية

(1) في الاحتجاج: لو كنت نبيا كموسى أنزلت علينا كسفا من السماء ونزلت علينا الصاعقة.
(2) استفحل الامر: تفاقم أي عظم ولم يجر على استواء.
(3) التقريع والتبكيت: التعنيف.
(4) في الاحتجاج: فلعله ينزع عما هو فيه.
(5) في التفسير: فمن الذي يلي مكالمته ومجادلته.
(٢٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 264 265 266 267 268 269 270 271 272 273 274 ... » »»
الفهرست