بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٩ - الصفحة ٢٧٨
اعترفت على نفسك أنك لا تؤمن إذا صعدت فكذلك حكم النزول، ثم قلت: حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه، ثم من بعد ذلك لا أدري أؤمن بك أو لا أؤمن بك، فأنت يا عبد الله مقر بأنك تعاند حجة الله عليك، فلا دواء لك إلا تأديبه على يد أوليائه البشر، (1) أو ملائكته الزبانية، وقد أنزل الله علي حكمة جامعة (2) لبطلان كل ما اقترحته، فقال تعالى: " قل " يا محمد: " سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا " ما أبعد ربي عن أن يفعل الأشياء على ما تقترحه الجهال بما يجوز وبما لا يجوز " وهل كنت إلا بشرا رسولا " لا يلزمني إلا إقامة حجة الله التي أعطاني، وليس لي أن آمر على ربي ولا أنهى ولا أشير، فأكون كالرسول الذي بعثه ملك إلى قوم من مخالفيه فرجع إليه يأمره أن يفعل بهم ما اقترحوه عليه.
فقال أبو جهل: يا محمد ههنا واحدة، ألست زعمت أن قوم موسى احترقوا بالصاعقة لما سألوه أن يريهم الله جهرة؟ قال: بلى، قال: فلو كنت نبيا لاحترقنا نحن أيضا، فقد سألنا أشد مما سأل قوم موسى، لأنهم زعمت أنهم قالوا: (3) " أرنا الله جهرة " ونحن نقول (قلنا خ ل): لن نؤمن لك حتى تأتي بالله والملائكة قبيلا نعاينهم!.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا أبا جهل أما علمت قصة إبراهيم الخليل عليه السلام لما رفع في الملكوت؟ وذلك قول ربي: " وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين " قوى الله بصره لما رفعه دون السماء حتى أبصر الأرض ومن عليها ظاهرين ومستترين، فرأى رجلا وامرأة على فاحشة فدعا عليهما بالهلاك فهلكا، ثم رأى آخرين فدعا عليهما بالهلاك فهلكا (4) ثم رأى آخرين فهم بالدعاء عليهما فأوحى الله إليه: أن يا إبراهيم اكفف دعوتك عن عبادي وإمائي، فإني أنا الغفور الرحيم الجبار (5) الحليم، لا تضر ني ذنوب عبادي وإمائي كما لا تنفعني طاعتهم، ولست

(1) في التفسير: أولياءه من البشر.
(2) في التفسير: حكمة (كلمة خ ل) جامعة. وفى الاحتجاج: حكمة بالغة جامعة.
(3) كذا في النسخ.
(4) في المصدر أضاف أيضا: ثم رأى آخرين فدعا عليهما بالهلاك فهلكا.
(5) في التفسير: " الحنان " بدل " جبار ".
(٢٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 273 274 275 276 277 278 279 280 281 282 283 ... » »»
الفهرست