بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٩ - الصفحة ١٤٧
فقال: يا محمد أنت من ذاك الجانب، ونحن من هذا الجانب، فاعمل أنت على دينك و مذهبك، إننا عاملون على ديننا ومذهبنا. " فاستقيموا إليه " أي لا تميلوا عن سبيله وتوجهوا إليه بالطاعة. (1) وفي قوله: " والغوا فيه " أي عارضوه باللغو والباطل وبما لا يعتد به من الكلام.
" لعلكم تغلبون " أي لتغلبوه باللغو والباطل، ولا يتمكن أصحابه من الاستماع، وقيل: ألغوا فيه بالتخليط في القول والمكاء والصفير، وقيل: معناه: ارفعوا أصواتكم في وجهه بالشعر والرجز، عن ابن عباس والسدي: لما عجزوا عن معارضة القرآن احتالوا في اللبس على غيرهم وتواصوا بترك استماعه والالغاء عند قراءته. (2) وقال البيضاوي في قوله: " وما يلقيها ": أي ما يلقى هذه السجية وهي مقابلة الإساءة بالاحسان " إلا الذين صبروا " فإنها تحبس النفس عن الانتقام " وما يلقيها إلا ذو حظ عظيم " من الخير وكمال النفس، وقيل: الحظ العظيم: الجنة. (3) " ولو جعلناه قرآنا أعجميا " جواب لقولهم: هلا نزل القرآن بلغة العجم " لقالوا لولا فصلت آياته " بينت بلسان نفقهه " أأعجمي وعربي " أكلام أعجمي ومخاطب عربي؟
إنكار مقرر للتخصيص " أولئك ينادون من مكان بعيد " هو تمثيل لهم في عدم قبولهم و استماعهم له بمن تصيح به من مسافة بعيدة. (4) " شرع لكم من الدين " أي شرع لكم دين نوح - على نبينا وآله وعليه السلام - ومحمد صلى الله عليه وآله ومن بينهما من أرباب الشرائع عليهم الصلاة والسلام، وهو أصل المشترك فيما بينهم المفسر بقوله: " أن أقيموا الدين " وهو الايمان بما يجب تصديقه والطاعة في أحكام الله " ولا تتفرقوا فيه " ولا تختلفوا في هذا الأصل، أما فروع الشرائع فمختلفة " وما تفرقوا " يعني الأمم السالفة، وقيل: أهل الكتاب " وإن الذين أورثوا الكتاب من بعدهم " يعني أهل الكتاب الذين كانوا في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله، أو المشركين الذين أورثوا القرآن من بعد أهل الكتاب " فلذلك " أي فلأجل ذلك التفرق، أو الكتاب

(1) مجمع البيان: 9: 4. (2) مجمع البيان 9: 11.
(3) أنوار التنزيل 2: 389. (4) أنوار التنزيل 2: 390.
(١٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 ... » »»
الفهرست