بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٩ - الصفحة ١٤٥
وعلى هذا يكون القول المضمر بما في حيزه حالا أو بدلا من الصلة، وزلفى مصدر أو حال " لو أراد الله أن يتخذ ولدا " كما زعموا " لاصطفى مما يخلق ما يشاء " إذ لا موجود سواه إلا وهو مخلوقه لقيام الدلالة على امتناع وجود واجبين، ووجوب استناد ما عدا الواجب إليه، ومن البين أن المخلوق لا يماثل الخالق فيقوم مقام الولد له.
ثم قرر ذلك بقوله سبحانه: " هو الله الواحد القهار " فإن الألوهية الحقيقية تتبع الوجوب المستلزم للوحدة الذاتية، وهي تنافي المماثلة فضلا عن التولد، لان كل واحد من المثلين مركب من الحقيقة المشتركة والتعين المخصوص، والقهارية المطلقة تنافي قبل الزوال المحوج إلى الولد (1) " نسي ما كان يدعو إليه " أي نسي الضر الذي كان يدعو الله إلى كشفه، أو ربه الذي كان يتضرع إليه. (2) " أفمن شرح الله " خبره محذوف دل عليه قوله: " فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله " أي من أجل ذكره. (3) " ضرب الله مثلا " للمشرك والموحد " رجلا فيه شركاء متشاكسون ورجلا سلما لرجل " مثل المشرك - على ما يدعيه مذهبه (4) من أن يدعي كل واحد معبوديه عبوديته ويتنازعوا فيه - بعبد يتشارك فيه جمع يتجاذبونه ويتعاورونه في المهام المختلفة في تحيره وتوزع قلبه، والموحد بمن خلص لواحد ليس لغيره عليه سبيل. (5) وقال الطبرسي رحمه الله في قوله تعالى: " ويخوفونك بالذين من دونه ": كانت الكفار تخيفه بالا وثان التي كانوا يعبدونها، قالوا: أما تخاف أن تهلكك آلهتنا؟ (6) وقيل: إنه لما قصد خالد لكسر العزى بأمر النبي صلى الله عليه وآله قالوا: إياك يا خالد فبأسها شديد! فضرب خالد أنفها بالفأس فهشمها فقال:
كفرانك يا عزى لا سبحانك * سبحان من أهانك. (7)

(1) أنوار التنزيل 2: 352. (2) أنوار التنزيل 2: 354.
(3) أنوار التنزيل 2: 357. (4) في المصدر: على ما يقتضيه مذهبه.
(5) أنوار تنزيل 2: 358. (6) في المصدر: إنا نخاف أن تهلكك آلهتنا.
(7) في المصدر زيادة وهي: انى رأيت الله قد أهانك. راجع مجمع البيان 8: 499.
(١٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 ... » »»
الفهرست