المشركين يوم بدر بعد أن أخرجوه من مكة " وإنه لذكر لك ولقومك " أي شرف " وسوف تسألون " عن شكر ما جعله الله لكم من الشرف، وقيل: عن القرآن وعما يلزمكم من القيام بحقه " واسئل من أرسلنا من قبلك من رسلنا " أي سل مؤمني أهل الكتاب، والتقدير: سل أمم من أرسلنا، وقيل: معناه: وسل الأنبياء وهم الذين جمعوا له ليلة الاسرى وكانوا سبعين نبيا منهم موسى وعيسى - على نبينا وآله وعليهما السلام - ولم يسألهم لأنه كان أعلم بالله منهم. (1) وفي قوله تعالى: " ولما ضرب ابن مريم مثلا " اختلف في المراد على وجوه:
أحدها أن معناه: ولما وصف ابن مريم شبها في العذاب بالآلهة، أي فيما قالوه وعلى زعمهم، وذلك أنه لما نزل قوله: " إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم (2) " قال المشركون: قد رضينا أن تكون آلهتنا حيث يكون عيسى، وذلك قوله: " إذا قومك منه يصدون " أي يضجون ضجيج المجادلة حيث خاصموك، وهو قوله: " وقالوا أآلهتنا خير أم هو " أي ليست آلهتنا خيرا من عيسى فإن كان عيسى في النار بأنه يعبد من دون الله فكذلك آلهتنا، عن ابن عباس ومقاتل.
وثانيها: أن معناه: لما ضرب الله المسيح مثلا بآدم في قوله: " إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب (3) " اعترض على النبي صلى الله عليه وآله بذلك قوم من كفار قريش فنزلت.
وثالثها: أن النبي صلى الله عليه وآله لما مدح المسيح وأمه وأنه كآدم في الخاصية قالوا: إن محمدا يريد أن نعبده كما عبدت النصارى عيسى، عن قتادة.
ورابعها: ما رواه سادة أهل البيت عليهم السلام عن علي عليه السلام أنه قال: جئت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله يوما فوجدته في ملا من قريش فنظر إلي ثم قال: يا علي إنما مثلك في هذه الأمة كمثل عيسى بن مريم، أحبه قوم فأفرطوا في حبه فهلكوا، وأبغضه قوم وأفرطوا في بغضه فهلكوا، واقتصد فيه قوم فنجوا، فعظم ذلك عليهم وضحكوا