بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٩ - الصفحة ١٥١
المشركين يوم بدر بعد أن أخرجوه من مكة " وإنه لذكر لك ولقومك " أي شرف " وسوف تسألون " عن شكر ما جعله الله لكم من الشرف، وقيل: عن القرآن وعما يلزمكم من القيام بحقه " واسئل من أرسلنا من قبلك من رسلنا " أي سل مؤمني أهل الكتاب، والتقدير: سل أمم من أرسلنا، وقيل: معناه: وسل الأنبياء وهم الذين جمعوا له ليلة الاسرى وكانوا سبعين نبيا منهم موسى وعيسى - على نبينا وآله وعليهما السلام - ولم يسألهم لأنه كان أعلم بالله منهم. (1) وفي قوله تعالى: " ولما ضرب ابن مريم مثلا " اختلف في المراد على وجوه:
أحدها أن معناه: ولما وصف ابن مريم شبها في العذاب بالآلهة، أي فيما قالوه وعلى زعمهم، وذلك أنه لما نزل قوله: " إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم (2) " قال المشركون: قد رضينا أن تكون آلهتنا حيث يكون عيسى، وذلك قوله: " إذا قومك منه يصدون " أي يضجون ضجيج المجادلة حيث خاصموك، وهو قوله: " وقالوا أآلهتنا خير أم هو " أي ليست آلهتنا خيرا من عيسى فإن كان عيسى في النار بأنه يعبد من دون الله فكذلك آلهتنا، عن ابن عباس ومقاتل.
وثانيها: أن معناه: لما ضرب الله المسيح مثلا بآدم في قوله: " إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب (3) " اعترض على النبي صلى الله عليه وآله بذلك قوم من كفار قريش فنزلت.
وثالثها: أن النبي صلى الله عليه وآله لما مدح المسيح وأمه وأنه كآدم في الخاصية قالوا: إن محمدا يريد أن نعبده كما عبدت النصارى عيسى، عن قتادة.
ورابعها: ما رواه سادة أهل البيت عليهم السلام عن علي عليه السلام أنه قال: جئت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله يوما فوجدته في ملا من قريش فنظر إلي ثم قال: يا علي إنما مثلك في هذه الأمة كمثل عيسى بن مريم، أحبه قوم فأفرطوا في حبه فهلكوا، وأبغضه قوم وأفرطوا في بغضه فهلكوا، واقتصد فيه قوم فنجوا، فعظم ذلك عليهم وضحكوا

(١) مجمع البيان ٩: ٤٩.
(٢) الأنبياء: ٩٨.
(٣) آل عمران: ٥٩.
(١٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 ... » »»
الفهرست