بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٩ - الصفحة ١١٧
وفي قوله: " ولا تنقضوا الايمان بعد توكيدها " نزلت في الذين بايعوا النبي صلى الله عليه وآله على الاسلام، فقال سبحانه للمسلمين الذين بايعوه: لا يحملنكم قلة المسلمين وكثرة المشركين على نقض البيعة، فإن الله حافظكم، أي أثبتوا على ما عاهدتم عليه الرسول وأكدتموه بالايمان، وقيل: نزلت في قوم حالفوا قوما فجاءهم قوم وقالوا: نحن أكثر منهم وأعز وأقوى فانقضوا ذلك العهد وحالفونا. " ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها " أي لا تكونوا كالمرأة التي غزلت ثم نقضت غزلها من بعد إمرار وفتل للغزل، وهي امرأة حمقاء من قريش، كانت تغزل مع جواريها إلى انتصاف النهار ثم تأمرهن أن ينقضن ما غزلن، ولا تزال ذلك دأبها، واسمها ريطة بنت عمرو بن كعب، وكان تسمى خرقاء مكة " أنكاثا " جمع نكث، وهو الغزل من الصوف والشعر يبرم ثم ينكث وينقض ليغزل ثانية " تتخذون أيمانكم دخلا بينكم " أي دغلا وخيانة ومكرا " أن تكون أمة هي أربى من أمة " أي بسبب أن يكون قوم أكثر من قوم وأمة أعلى من أمة " فتزل قدم بعد ثبوتها " أي فتضلوا عن الرشد بعد أن تكونوا على هدى. (1) وفي قوله: " وإذا بدلنا آية مكان آية " يعني إذا نسخنا آية وآتينا مكانها أخرى " قالوا إنما أنت مفتر " قال ابن عباس: كانوا يقولون: يسخر محمد بأصحابه يأمرهم اليوم بأمر وغدا يأمرهم بأمر وإنه لكاذب، ويأتيهم بما يقول من عند نفسه. " ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر " قال ابن عباس: قالت قريش: إنما يعلمه بلعام وكان قينا بمكة روميا نصرانيا، وقال الضحاك: أرادوا به سلمان الفارسي، قالوا: إنه يتعلم القصص منه، وقال مجاهد وقتادة: أرادوا به عبدا لبني الحضرمي روميا يقال له يعيش أو عائش صاحب كتاب، وأسلم وحسن إسلامه، وقال عبد الله بن مسلم: كان غلامان في الجاهلية نصرانيان من أهل عين التمر، اسم أحدهما يسار، والآخر جبير، وكانا صيقلين يقرءان كتابا لهما بلسانهم، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله ربما مر بهما واستمع قراءتهما فقالوا: إنما يتعلم منهما، ثم ألزمهم الله الحجة وأكذبهم بأن قال:

(1) مجمع البيان: 383.
(١١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 ... » »»
الفهرست