بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٩ - الصفحة ٩٤
معنى من مذاهبهم الفاسدة، وقيل: أي لست من مخالطتهم في شئ، وقيل: لست من قتالهم في شئ فنسختها آية القتال. (1) وفي قوله تعالى: " فلا يكن في صدرك حرج منه " فيه أقوال: أحدها: أن معنى الحرج: الضيق، أي لا يضيق صدرك لتشعب الفكر، خوفا من أن لا تقوم بتبليغ ما انزل إليك حق القيام، فليس عليك أكثر من الانذار.
وثانيها: أن معنى الحرج الشك، أي لا يكن في صدرك شك فيما يلزمك من القيام بحقه.
وثالثها: أن معناه: فلا يضيقن صدرك من قومك أن يكذبوك ويجبهوك (يجهموك خ ل) بالسوء (2) فيما انزل إليك، وقد روي أن الله تعالى لما أنزل القرآن على رسول الله قال: إني أخشى أن يكذبني الناس ويثلغوا رأسي (3) فيتركوه كالخبزة فأزال الله تعالى الخوف عنه بهذه الآية. (4) وفي قوله تعالى: " وإذا فعلوا فاحشة " كني به عن المشركين الذين كانوا يبدون سوآتهم في طوافهم، فكان يطوف الرجال والنساء عراة يقولون: نطوف كما ولدتنا أمهاتنا، ولا نطوف في الثياب التي قارفنا فيها الذنوب، وهم الحمس. (5) قال الفراء كانوا يعملون شيئا من سيور مقطعة يشدونه على حقويهم يسمى حوفا، وإن عمل من صوف سمي رهطا، وكان تضع المرأة على قبلها النسعة (6) فتقول:

(١) مجمع البيان ٤: ٣٨٨ - ٣٨٩ (٢) جبهه بالسوء: استقبله به.
(٣) ثلغ رأسه: شدخه أي كسره، قال الجزري في النهاية: فيه: إذا تثلغوا رأسي كما تثلغ الخبزة، الثلغ: الشدخ، وقيل: ضربك الشئ الرطب بالشئ اليابس حتى يتشدخ.
(4) مجمع البيان 4: 395.
(5) الحمس جمع الأحمس، وهم قريش ومن ولدت قريش وكنانة وجديلة قيس ومن تابعهم في الجاهلية، فسموا حمسا لأنهم تحمسوا في دينهم أي تشددوا، أو لالتجائهم بالحمساء، وهي الكعبة.
(6) السيور جمع السير: قدة من الجلد مستطيلة. الحوف: جلد يشق كهيئة الإزار تلبسه الصبيان أو نقبة من ادم تقد سيورا. النسع: سير أو حبل عريض تشد به الرحال، والقطعة منه:
النسعة.
(٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 ... » »»
الفهرست