خلفه، وبه فسر قوله تعالى: هو الذي جعل الليل والنهار خلفة (1)، أو تفاوتهما في النور والظلمة، أو في الزيادة والنقصان، ودخول أحدهما في الآخر، أو في الطول والقصر بحسب العروض، أو اختلاف كل ساعة من ساعاتهما بالنظر إلى الأمكنة المختلفة فأية ساعة فرضت فهي صبح لموضع وظهر لاخر وهكذا، والفلك يجيئ مفردا وجمعا وهو السفينة. وما في قوله تعالى: بما ينفع الناس إما مصدرية أي بنفعهم أو موصولة أي بالذي ينفعهم من المحمولات والمجلوبات. وما أنزل الله من السماء من ماء. من الأولى للابتداء والثانية للبيان. والسماء يحتمل الفلك والسحاب وجهة العلو. وإحياء الأرض بالنباتات والأزهار والثمرات. وبث فيها عطف على أنزل أو على إحياء فإن الدواب ينمون بالخصب ويعيشون بالمطر. والبث: النشر والتفريق، والمراد بتصريف الرياح: إما تصريفها في مهابها قبولا ودبورا وجنوبا وشمالا، أو في أحوالها حارة وباردة وعاصفة ولينة وعقيمة ولواقح أو جعلها تارة للرحمة وتارة للعذاب. والسحاب المسخر أي لا ينزل ولا يتقشع مع أن الطبع يقتضي أحدهما حتى يأتي أمر الله، وقيل: مسخر للرياح تقلبه في الجو بمشية الله تعالى. وفي الآية دلالة على لزوم النظر في خواص مصنوعاته تعالى، والاستدلال بها على وجوده ووحدته وعلمه وقدرته وحكمته وسائر صفاته، وعلى جواز ركوب البحر والتجارات والمسافرات لجلب الأقوات والأمتعة.
يا هشام قد جعل الله عز وجل دليلا على معرفته بأن لهم مدبرا فقال: وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره إن في ذلك لايات لقوم يعقلون (2) وقال: حم والكتاب المبين إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون (3) وقال ومن آياته يريكم البرق خوفا وطمعا وينزل من السماء ماء فيحيي به الأرض بعد موتها إن في ذلك لايات لقوم يعقلون (4).
بيان: في الكافي قد جعل الله ذلك دليلا، أي كلا من الآيات المذكورة سابقا أو لاحقا. وقوله تعالى: وسخر لكم أي هيأها لمنافعكم ومسخرات بالنصب حال عن الجميع أي نفعكم بها حال كونها مسخرات لله خلقها ودبرها كيف شاء، وقرأ