وقال: ولقد آتينا لقمان الحكمة (1) قال: الفهم والعقل.
يا هشام إن لقمان قال لابنه: تواضع للحق تكن أعقل الناس، يا بني إن الدنيا بحر عميق قد غرق فيه عالم كثير فلتكن سفينتك فيها تقوى الله، وجسرها الايمان، و شراعها التوكل، وقيمها العقل، ودليلها العلم، وسكانها الصبر.
بيان: للحق أي لله بالايمان به وطاعته، أو لكل حق إذا ظهر لك بقبوله. عالم بفتح اللام أو كسرها. وفي الكافي: وحشوها الايمان أي ما يحشى فيها وتملا منها.
والشراع ككتاب: الملاءة الواسعة فوق خشبة يصفقها الريح فتمضي بالسفينة. والقيم مدبر أمر السفينة. والدليل: المعلم. وقال في المغرب: السكان ذنب السفينة لأنها به تقوم وتسكن.
يا هشام لكل شئ دليل، ودليل العاقل التفكر، ودليل التفكر الصمت.
ولكل شئ مطية، ومطية العاقل التواضع. وكفى بك جهلا أن تركب ما نهيت عنه.
بيان: في الكافي في العقل في الموضعين مكان العاقل. ودليل العقل أو العاقل التفكر فإنه يصل إلى مطلوبه بالفكر. وعلى نسخة الكافي يحتمل أن يكون المراد أن التفكر يدل على أن المرء عاقل، وكذا ما بعده يحتملهما. ومطية العاقل التواضع أي مع التواضع يقوي على ما يدل عليه عقله، ويؤيد من الله بإعماله، ومع التكبر.
وعدم طاعة الله يضعف عقله، ولا يقدر على إعماله في الأمور كالراجل العاجز عن الوصول إلى المطلوب، وعلى نسخة العقل أظهر كما لا يخفى.
يا هشام لو كان في يدك جوزة وقال الناس: لؤلؤة ما كان ينفعك وأنت تعلم أنها جوزة، ولو كان في يدك لؤلؤة وقال الناس: أنها جوزة ما ضرك وأنت تعلم أنها لؤلؤة.
بيان: حاصله عدم الاغترار بمدح الناس والافتخار بثناءهم.
يا هشام ما بعث الله أنبياءه ورسله إلى عباده إلا ليعقلوا عن الله فأحسنهم استجابة