عليه السلام دون الصحابة عن ابن دأب (١) وذكر مناقب علي عليه السلام إلى أن قال:
ثم ترك الوهن والاستكانة، إنه انصرف من أحد وبه ثمانون جراحة، تدخل الفتائل في موضع وتخرج من موضع، فدخل عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عائدا، وهو مثل المضغة على نطع، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وآله بكى، فقال له: إن رجلا يصيبه هذا في الله لحق على الله أن يفعل به ويفعل، فقال مجيبا له وبكى: بأبى أنت وأمي الحمد لله الذي لم يرني وليت عنك ولا قررت، بأبى أنت وأمي كيف حرمت الشهادة؟ قال: إنها من ورائك إن شاء الله.
قال: فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: إن أبا سفيان قد أرسل موعده (٢) بيننا وبينكم حمراء الأسد، فقال: بأبى أنت وأمي والله لو حملت على أيدي الرجال ما تخلفت عنك، قال: فنزل القرآن: ﴿وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين﴾ (٣) ونزلت الآية فيه قبلها: ﴿وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابا مؤجلا ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها، ومن يرد ثواب الآخرة نؤته منها وسنجزي الشاكرين﴾ (4).
ثم ترك الشكاية في ألم الجراحة شكت المرأتان (5) إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما يلقى، وقالتا: يا رسول الله خشينا عليه مما تدخل الفتائل في موضع الجراحات من موضع إلى موضع، وكتمانه ما يجد من الألم.