والكاشف الكرب عن وجه رسول الله صلى الله عليه وآله المقدم في سائر الغزوات إذا لم يحضره النبي صلى الله عليه وآله فإذا حضر فهو تاليه، وصاحب للراية واللواء معا، وما كان قط تحت لواء أحد، ولا فر من زحف، وإنهما فرا في غير موضع، وكانا تحت لواء جماعة ووقوفه يوم حنين في وسط أربعة وعشرين ألفا، يضارب بسيفه إلى أن ظهر المدد من السماء قال: ولا إشكال في هزيمة عمر وعثمان (١).
٥ - وفى حديث طويل أنه قال أبو بكر لعمر: إن هذه الدنيا أهون على علي عليه السلام من لقاء أحدنا للموت، أنسيت يوم أحد؟ وقد فررنا بأجمعنا وصعدنا الجبل، وقد أحاطت به ملوك القوم، وصناديد قريش، موقنين بقتله، لا يجد محيصا للخروج من أوساطهم، فلما أن شد عليه القوم برماحهم نكس نفسه عن دابته حتى جاوزه طعان القوم، ثم قام في ركابه، وقد مرق عن سرجه، وهو يقول: يا الله يا الله، يا جبرئيل يا جبرئيل، يا محمد يا محمد، النجاة النجاة، ثم عمد إلى رئيس القوم فضربه ضربة بالسيف فبقي على فك ولسان.
ثم عمد إلى صاحب الراية فضربه على جمجمته، يدق بعضهم بعضا، وجعل يمسحهم بالسيف مسحا، حتى تركهم جراثيم جمودا على تلعة من الأرض، يتجرعون كؤوس الموت، قد اختطف أرواحهم بسيفه، ونحن نتوقع منه أكثر من ذلك، ولم نكن نضبط من أنفسنا من مخافته، حتى التفت إليك التفاتة، وكان منه إليك ما تعلم، ولولا آية في كتاب الله لكنا من الهالكين، وهو قوله تعالى: ﴿ولقد عفى عنكم﴾ (2) فاترك هذا الرجل ما تركك، ولا يغرنك خالد (3) بن الوليد أنه يقتله، فإنه لا يجسر على ذلك وإن رامه كان أول مقتول، فإنه من ولد عبد مناف إذا هاجوا هيبوا، وإن غضبوا أدموا، ولا سيما