وقال: حسبك يا ضرار، كذلك كان والله على رحم الله أبا الحسن (1).
5 - وقال السيد الرضى قدس الله روحه في كتاب " الخصائص ": ذكروا ان ضرار بن ضمرة الضبابي دخل على معاوية بن أبي سفيان لعنه الله وهو بالموسم، فقال له: صف عليا، قال: أو تعفيني؟ قال: لابد ان تصفه لي، قال: كان والله المير المؤمنين عليه السلام طويل المدى، شديد القوى، كثير الفكرة، غزير العبرة، يقول فصلا، ويحكم عدلا، ينفجر العلم من جوانبه، وتنطق الحكمة من نواحيه، يستوحش من الدنيا وزهرتها، ويأنس من الليل ووحشته، وكان فينا كأحدنا، يجيبنا إذا دعوناه، ويعطينا إذا سألناه.
نحن والله مع قربه لا نكلمه لهيبته، ولا ندنو تعظيما له، فان تبسم فعن غير أشر ولا اختيال، وان نطق فعن الحكمة وفصل الخطاب، يعظم أهل الدين ويحب المساكين ولا يطمع الغنى في باطله، ولا يؤيس الضعيف من حقه، اشهد لقد رايته في بعض مواقفه وقد أرخى الليل سدوله (2)، وهو قائم في محرابه، قابض على لحيته، يتململ تململ السليم (3)، ويبكي بكاء الحزين، ويقول: يا دنيا يا دنيا إليك عنى، أبى تعرضت، أم إلى تشوقت؟ لا حان حينك (4)، هيهات غري غيري لا حاجة لي فيك، قد طلقتك ثلاثا لا رجعة فيها، فعيشك قصير، وخطرك يسير، واملك حقير، آه من قلة الزاد، وطول المجاز، وبعد السفر وعظم المورد (5).
قال فوكفت دموع معاوية ما يملكها، وهو يقول: هكذا كان علي عليه السلام فكيف حزنك عليه يا ضرار؟ قال: حزني عليه والله حزن من ذبح ولدها في حجرها فلا ترقى دمعتها، ولا تسكن حرارتها (6).