مختصر البصائر - الحسن بن سليمان الحلي - الصفحة ١٦
وشاعت الأقدار أن تطوح بالدولة الأموية، فتصبح أثرا بعد عين، وخبرا بعد حس، وأن يقع الأمر في أحضان بني العباس، فيثب على حظيرة الملك الأخوان:
السفاح والمنصور، اللذان كان يتنقلان في الأرجاء ويشيدان بإمام علي (عليه السلام) ويرويان فضائله ومناقبه، يستجديان ويستدران به البر والصدقة من الناس.
وما ملك بنو العباس، إلا وظهر خبثهم وغدرهم وشدتهم على العلويين، فراحوا يتتبعون آل الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) من دون رحمة ولا هوادة، وأخذوا يضيقون عليهم، ويضعوا حولهم العيون والرصد، فكانوا أول الضحايا، وفي مقدمة القوافل التي تساق للسجون وساحات الإعدام، وهكذا جروا في مضمار بني أمية، بل حازوا قصب، على ما هو المعروف عنهم، وفي ذلك يقول الشاعر:
والله ما فعلت أمية فيهم * معشار ما فعلت بنو العباس فهذا داود بن علي بن عبد الله بن العباس، الذي كان واليا على المدينة من قبل المنصور، أرسل خلف المعلى بن خنيس مولى الإمام الصادق (عليه السلام)، وأراد منه أن يدله ويعرفه على أصحاب الإمام (عليه السلام). فتجاهل المعلى بمعرفتهم، فألح عليه، ثم هدده بالقتل، فقال له المعلى: بالقتل تهددني، والله لو كانوا تحت قدمي ما رفعت قدمي عنهم، وإن أنت قتلتني لتسعدني وأشقيك، فلما رأى داود ذلك منه، قتله وصادر أمواله (1).
ويحدثنا الخطيب البغدادي: أن نصر الجهضمي المتوفى سنة 250 ه‍ حدث عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه أخذ بيد الحسن والحسين فقال: (من أحبني وأحب هذين وأباهما

1 - انظر رجال الكشي: 380 / 713.
(١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 ... » »»