مختصر البصائر - الحسن بن سليمان الحلي - الصفحة ٢٠٥
قال: " أفرأيت ثم (1) سدرة إذا مر التجار بها استظلوا بفيئها؟ " قال: وما علمك بذلك؟ قال: " هو عندنا في كتاب، وأي شئ رأيت أيضا؟ " قال: رأيت واديا مظلما فيه الهام والبوم (2) لا يبصر قعره، قال: " أو تدري ما ذاك الوادي؟ " قال: لا والله ما أدري، قال: " ذاك برهوت (3) فيه نسمة كل كافر. وأين بلغت؟ " فقطع الأعرابي، فقال: بلغت قوما جلوسا في منازلهم، ليس لهم طعام ولا شراب، إلا ألبان أغنامهم فهي طعامهم وشرابهم.
ثم نظر إلى السماء فقال " اللهم العنه " فقال له جلساؤه من هو جعلنا الله فداك؟
قال: " هو قابيل، يعذب بحر الشمس وزمهرير البرد " (4).
ثم جاءه رجل آخر، فقال: " رأيت لي جعفرا " فقال الأعرابي: ومن جعفر

١ - ثم: بمعنى هناك وهو للتبعيد. الصحاح ٥: ١٨٨٢ - ثمم.
٢ - الهام: طائر صغير يألف المقابر، والبوم: ذكر الهام واحدته بومة. لسان العرب ١٢: ٦٥٢ - هوم و ٦١ - بهم.
وقال الدميري في حياة الحيوان: البوم: بضم الباء طائر يقع على الذكر والأنثى وأنواعها: الهامة والصدى والضوع والخفاش وغريب الليل والبومة وهذه الأسماء مشتركة تقع على كل طائر من طير الليل يخرج من بيته ليلا.
وقال ذو الرمة:
قد أعسف النازح المجهول معسفه * في ظل أخضر يدعو هامة البوم انظر حياة الحيوان ١: ٢٢٦ و ٢: ٣٨٦.
٣ - برهوت: واد باليمن يوضع فيه أرواح الكفار وهو يقرب حضرموت، وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): " إن فيه أرواح الكفار والمنافقين "، وروي عن الإمام علي (عليه السلام) أنه قال: " أبغض بقعة في الأرض إلى الله عز وجل، وادي برهوت بحضرموت فيه أرواح الكفار ". معجم البلدان ١: ٤٠٥.
٤ - الزمهرير: البرد الشديد. لسان العرب ٤: ٣٣٠ - زمهر.
(٢٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 ... » »»