مختصر البصائر - الحسن بن سليمان الحلي - الصفحة ٢٠٢
ظهره واجعل القبلة في ظهرك، ثم ادع وحش الجبل تجبك، فإذا أجابتك فاعمد إلى جفرة (1) منهن أنثى - وهي التي تدعى الجفرة حين ناهد (2) قرناها الطلوع - تشخب أوداجها دما، وهي التي لك، فمر ابن عمك فليقم إليها فليذبحها وليسلخها من قبل الرقبة ويقلب داخلها، فإنه سيجدها مدبوغة.
وسأنزل عليك الروح الأمين وجبرئيل معه دواة وقلم ومداد، ليس هو من مداد الأرض، يبقى المداد ويبقى الجلد، لا تأكله الأرض ولا يبليه التراب، لا يزداد كلما نشر إلا جدة، غير أنه محفوظ مستور، يأتيك علم وحي بعلم ما كان وما يكون إليك، وتمليه على ابن عمك، وليكتب وليستمد من تلك الدواة.
فمضى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى انتهى إلى الجبل، ففعل ما أمره الله تعالى به وصادف ما وصف له ربه، فلما ابتدأ علي (عليه السلام) في سلخ الجفرة نزل جبرئيل والروح الأمين وعدة من الملائكة - لا يحصي عددهم إلا الله، ومن حضر ذلك المجلس - بين يديه، وجاءته الدواة والمداد خضر كهيئة البقل وأشد خضرة وأنور.
ثم نزل الوحي على محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، وكتب علي (عليه السلام)، إلا أنه يصف كل زمان وما فيه، ويخبره بالظهر والبطن، وأخبره بما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة، وفسر له أشياء لا يعلم تأويلها إلا الله والراسخون في العلم، ثم أخبره بكل عدو يكون لهم في كل زمان من الأزمنة حتى فهم ذلك كله وكتبه.
ثم أخبره بأمر ما يحدث عليه وعليهم من بعده، فسأله عنها، فقال: الصبر

١ - الجفر: إذا بلغ ولد المعزى أربعة أشهر وجفر جنباه وفصل عن أمه وأخذ في الرعي، فهو جفر، والجمع أجفار وجفار وجفرة، والأنثى جفرة. لسان العرب ٤: ١٤٢ - جفر.
٢ - ناهد: أشرف. الصحاح ٢: ٥٤٥ - نهد.
(٢٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 ... » »»