ومما وجدت من فوائد الاستخارات: أنني كنت إذا حصل ميقات زيارات أجد قلبي ونفسي تنازع إلى الزيارة، لأجل ورود الاخبار بثواب ذلك الميقات، وإلا فلأي حال ما توجهت إلى الزيارة قبل تلك الأوقات، فأخاف أن يكون عملي لمجرد الثواب والزيارة، ولا يكون خالصا لوجه الله جل جلاله، ولا لأنني أعبده لأنه جل جلاله أهل للعبادة على التحقيق، والذي وصل إليه معرفتي أنه لا تصح العبادة على التحقيق واليقين إلا إذا كانت العبادة لله جل جلاله خالصة لأنه أهل للعبادة، من غير التفات إلى ثواب عاجل ولا آجل (1)، فهو جل جلاله أهل لذلك وما يحتاج العبد معه إلى رشوة في العبادة إن كان من العارفين، وقد كشفت ذلك كشفا واضحا في كتاب تتمات مصباح المتهجد ومهمات في صلاح المتعبد، فكنت أعالج نفسي وقلبي على أنها (2) عند التوجه إلى الزيارات، أو عند غيرها من المندوبات التي تصح فيها الاستخارات - أن لا يكون الباعث لها فوائد الثواب في الزيارات فلا تسارع إلى (3) القبول مني وأجد مشقة في إخلاص ذلك، ووقوعه على وجه يرضى به الله جل جلاله عني، فوجدت بالاستخارات في الزيارات وغيرها مما استخرت فيه سلامة عظيمة من هذه الآفات، وذلك أنني عند وقت الميقات لا أعلم مصلحتي أنني أقيم عند عيالي، ومن يكون مقيما في البلد من إخواني لمصلحتهم، وأنني أكون أكثر تفرغا وأمكن من الخلوة بالزيارة من داري، أو تكون المصلحة في الزيارة ومفارقة عيالي، ولقاء من يكون هناك من إخواني، وأن تكون الزيارة مع الجماعات أرجح من الزيارة في الدار مع الخلوات. ولأنني لا أدري ما يتجدد علي في السفر من الحادثات والعوائق والشواغل عن العبادات، وكذلك ما أدري ما يتجدد علي
(٢٢٢)