فتح الأبواب - السيد ابن طاووس - الصفحة ٢٢٣
إن أقمت من العوائق والحوائل التي ليست محسوبات (1)، فهذا مالا أعلمه إلا من جانب العالم بالعواقب والخفيات، فإذا شرعت في الاستخارة في الزيارة ما يبقى ذلك الوقت عندي التفات إلى ثواب ما ورد في الروايات، وإنما يبقى خاطري متعلقا بما يتقدم به الله جل جلاله الان في الاستخارات، فإذا جاءت الاستخارة (إفعل) امتثلت ذلك الامر المقدس، وعبدته بالامتثال لأنه جل جلاله أهل لهذه الحال.
ومما وجدت من طرائف الاستخارات: أنني طلبني بعض أبناء الدنيا وأنا بالجانب الغربي من بغداد، فبقيت اثنين وعشرين يوما أستخير الله جل جلاله كل يوم في ألقاه في ذلك اليوم، فتأتي الاستخارة (لا تفعل) في أربع رقاع، أو في ثلاث متواليات، وما اختلفت في المنع مدة اثنين وعشرين يوما، وظهر لي حقيقة سعادتي بتلك الاستخارات، فهل هذا من غير عالم الخفيات؟
ومما وجدت من عجائب الاستخارات: أنني أذكر أنني وصلت الحلة في بعض الأوقات التي كنت مقيما بدار السلام، فأشار بعض الأقوام بلقاء بعض أبناء الدنيا (2) من ولاة البلاة الحلية، فأقمت بالحلة لشغل كان لي شهرا، فكنت كل يوم أستصلحه للقائه أستخير الله جل جلاله أول النهار وآخره في لقائه في ذلك الوقت، فتأتي الاستخارة (لا تفعل)، فتكملت نحو خمسين استخارة في مدة إقامتي (3) (لا تفعل): فهل يبقى مع هذا عندي [ريب] (4) - لو كنت لا أعلم حال الاستخارة - أن هذا صادر عن الله جل جلاله العالم بمصلحتي، هذا مع ما ظهر بذلك من سعادتي؟ وهل يقبل

(1) في " د " و " ش ": محسوسات.
(2) في " م ": الزمان.
(3) في البحار زيادة: كلها.
(4) ما بين المعقوفين من البحار.
(٢٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 218 219 220 221 222 223 224 225 226 227 228 ... » »»