اليقين - السيد ابن طاووس - الصفحة ٣٧٨
ثم قلت لعلي بن أبي طالب عليه السلام: قم يا أبا الحسن واصرخ في هذا الكهف فإنه أمرني رسول الله صلى الله عليه وآله أن آمرك كما أمرتهم.
فقام علي عليه السلام فصاح بهم بصوت خفي، فانفتح باب الكهف ونظرنا إلى داخله يتوقد نورا ويأتلق (6) إشراقا، وسمعنا صيحة (7) ووجبة شديدة.
فملئنا رعبا وولى القوم هاربين! فناداهم: مهلا يا قوم، ارجعوا، فرجعوا وقالوا: ما هذا يا سلمان؟ قلت: هذا الكهف الذي وصفه الله جل وعز في كتابه، والذين (8) نراهم هم الفتية الذين ذكرهم الله عز وجل، وهم الفتية المؤمنون - وعلي عليه السلام واقف يكلمهم - فعادوا إلى موضعهم.
قال سلمان: وأعاد علي عليه السلام فسلم عليهم، فقالوا كلهم:
وعليك السلام ورحمة الله وبركاته وعلى محمد رسول الله خاتم النبوة منا السلام. أبلغه منا السلام وقل له: (قد شهدوا لك بالنبوة التي أمرنا قبل وقت مبعثك بأعوام كثيرة، ولك يا علي بالوصية).
فأعاد علي عليه السلام سلامه عليهم. فقالوا كلهم: وعليك وعلى محمد منا السلام، نشهد بأنك مولانا ومولى كل من آمن بمحمد.
قال سلمان: فلما سمع القوم أخذوا بالبكاء وفزعوا، واعتذروا إلى أمير المؤمنين علي عليه السلام، وقاموا كلهم إليه يقبلون رأسه ويقولون: قد علمنا ما أراد رسول الله صلى الله عليه وآله ومدوا أيديهم وبايعوه بإمرة المؤمنين وشهدوا له بالولاية بعد محمد صلى الله عليه وآله.
ثم جلس كل واحد مكانه من البساط وجلس علي عليه السلام في وسطه. ثم حرك شفتيه فاختلج البساط فلم ندر كيف مر بنا في البر أم في البحر، حتى انقض بنا على باب مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله.

(6) ق خ ل: يتألق أي يلمع.
(7) في البحار: ضجة.
(8) في النسخ: الذي.
(٣٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 373 374 375 376 377 378 379 380 381 382 383 ... » »»