تشعر بحيوية الموقف وواقعيته، انها كانت فئة قليلة صابرة، آمنت بالله، لم تر الموت الا سعادة، والحياة مع الظالمين إلا برما، أمام فئة كثيرة، تسلحت بالشرك والعصيان والسجود لدنانير ودراهم أضحت عليهم حمم جحيم في الدنيا قبل الآخرة.
فلا تلكم الفئة القليلة المؤمنة انخذلت وتداعت بوجود كل المغريات، ورغم الرابطة والنسب الموجودين آنذاك بين طرفي النزال، بل كانت تزداد طمأنينة ساعة بعد ساعة، سيما وهي تشاطر رائد الثائرين - على مر التاريخ - ريحانة رسول الله صلى الله عليه وآله موقفه وخذلان الناس له، فكان الواحد تلو الاخر من صحبه الأبرار يفصح عن استعداده أنه لو يقتل ويحرق ويذرى في الهواء ويفعل ذلك به مرارا لم يترك امامه وحيدا، فهو كمن يشاهد جنات النعيم مفتحة بمصاريعها فليس له هم سوى أن يدخلها قبل الآخرين لينعم بكأس من سلسبيلها، أو يحظى بجواريها (1).
ولا هذه الفئة الكثيرة الكافرة استطاعت أن تتغلب على شهواتها، وأن تميل مع الحق لشدة مرارته، وقلة ناصريه، إضافة