ذوب النضار - ابن نما الحلي - الصفحة ٨
تشعر بحيوية الموقف وواقعيته، انها كانت فئة قليلة صابرة، آمنت بالله، لم تر الموت الا سعادة، والحياة مع الظالمين إلا برما، أمام فئة كثيرة، تسلحت بالشرك والعصيان والسجود لدنانير ودراهم أضحت عليهم حمم جحيم في الدنيا قبل الآخرة.
فلا تلكم الفئة القليلة المؤمنة انخذلت وتداعت بوجود كل المغريات، ورغم الرابطة والنسب الموجودين آنذاك بين طرفي النزال، بل كانت تزداد طمأنينة ساعة بعد ساعة، سيما وهي تشاطر رائد الثائرين - على مر التاريخ - ريحانة رسول الله صلى الله عليه وآله موقفه وخذلان الناس له، فكان الواحد تلو الاخر من صحبه الأبرار يفصح عن استعداده أنه لو يقتل ويحرق ويذرى في الهواء ويفعل ذلك به مرارا لم يترك امامه وحيدا، فهو كمن يشاهد جنات النعيم مفتحة بمصاريعها فليس له هم سوى أن يدخلها قبل الآخرين لينعم بكأس من سلسبيلها، أو يحظى بجواريها (1).
ولا هذه الفئة الكثيرة الكافرة استطاعت أن تتغلب على شهواتها، وأن تميل مع الحق لشدة مرارته، وقلة ناصريه، إضافة

(1) قيل لرجل شهد يوم الطف مع عمر بن سعد: ويحكم أقتلتم ذرية رسول الله صلى الله عليه وآله؟
فقال: عضضت بالجندل أنك لو شهدت ما شهدنا لفعلت ما فعلنا، ثارت علينا عصابة أيديها ف مقابض سيوفها كلا اسود الضارية تحطم الفرسان يمينا وشمالا، وتلقي أنفسها على الموت لا تقبل الأمان، ولا ترغب في المال، ولا يحول حائل بينها وبين الورود على حياض الميتة أو الاستيلاء على الملك، فلو كففنا عنها رويدا لاتت على العسكر بكامله، فما كنا فاعلين لا أم لك.
(٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الاهداء 5
2 مقدمة المحقق 7
3 اخبار الملائكة والنبي صلى الله عليه وآله بشهادة الحسين عليه السلام 11
4 اخبار أمير المؤمنين عليه السلام بشهادة الحسين عليه السلام 22
5 اخبار الحسن عليه السلام بشهادة الحسين عليه السلام 27
6 اخبار الحسين عليه السلام بشهادته 28
7 ترجمة المؤلف 32
8 اسمه ونسبه الشريف 32
9 الثناء عليه 33
10 مؤلفاته 33
11 وفاته ومرقده 34
12 فضل آل نما 34
13 ممن سمي ب‍ (ابن نما) 35
14 بعض ما صنف في شرح الثار 38
15 شئ حول الكتاب 42
16 اسمه 42
17 نسخه 42
18 منهج التحقيق 43
19 رد جميل 43
20 مقدمة المؤلف 49
21 المرتبة الأولى: في ذكر نسب المختار، وطرف من اخباره 59
22 المرتبة الثانية: في ذكر رجال سليمان بن صرد الخزاعي، وخروجه ومقتله 82
23 المرتبة الثالثة: في وصف الوقعة مع ابن مطيع 105
24 من قتله المختار من قتلة الحسين عليه السلام 118
25 المرتبة الرابعة: في ذكر مقتل عمر بن سعد وعبيد الله بن زياد ومن تابعه وكيفية قتالهم، والنصر عليهم 126
26 تذييل الشيخ لطف الله بن الشيخ محمد وذكر مقتل المختار رضوان الله عليه 148
27 زيارة المختار رضي الله عنه 151