الخرائج والجرائح - قطب الدين الراوندي - ج ٢ - الصفحة ٥٤٥
الهجرة وقال: " لا هجرة بعد الفتح " قال لعلي عليه السلام: إذا كان غدا، كلم الشمس حتى تعرف كرامتك على الله.
فلما أصبحنا قمنا، فجاء علي إلى الشمس حين طلعت، فقال: السلام عليكم أيتها المطيعة لربها (1). فقالت الشمس: وعليك السلام يا أخا رسول الله ووصيه، أبشر فان رب العزة يقرؤك السلام ويقول لك: أبشر فان لك ولمحبيك ولشيعتك، ما لا عين رأت ولا اذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. فخر عليه السلام لله ساجدا.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ارفع رأسك حبيبي، فقد باهى الله بك الملائكة. (2) 7 - ومنها: ما روي عن ابن مسعود قال: كنت قاعدا عند أمير المؤمنين عليه السلام في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله إذ نادى رجل: من يدلني على من آخذ منه علما؟ ومر فقلت له:
يا هذا هل سمعت قول النبي صلى الله عليه وآله: أنا مدينة العلم وعلي بابها؟
فقال: نعم. قلت: وأين تذهب وهذا علي بن أبي طالب؟ فانصرف الرجل وجثى (3) بين يديه. فقال عليه السلام له: من أي بلاد الله أنت؟ قال: من أصفهان.
قال له: اكتب: أملى علي بن أبي طالب عليه السلام: إن أهل إصفهان لا يكون فيهم خمس خصال: السخاوة، والشجاعة، والأمانة، والغيرة، وحبنا أهل البيت (4).

1) هكذا في البحار، وفي م، ه‍ " أيها المطيع لربه ".
2) عنه البحار: 41 / 170 ح 7، وأورده الحلي في المختصر: 104 عن ابن عباس.
وأخرجه في اثبات الهداة: 5 / 62 ح 433 قال: وأسند النيشابوري إلى ابن عباس.
3) " وجئنا " البحار.
4) أقول: فبما أن الحديث مرسل وطريق المصنف إلى ابن مسعود مجهول وأن جواب الإمام عليه السلام ابتداءا لمن وفد عليه طالبا علمه بهذا الطعن غريب.
فان صح الحديث فان الامام أمير المؤمنين عليه السلام لم يقل " لن يكون " بل قال " لا يكون... " و " لن " تفيد تأبيد النفي على العكس من " لا ".
وبالتالي فإنما هي مرحلة زمنية ظهرت فيهم تلك الصفات لما كان مذهب الخلاف شائعا بينهم، إلى قيام الدولة الصفوية، والناس على دين ملوكهم.
وبعد ان انتشر مذهب التشيع والولاء لأهل البيت عليهم السلام، اعتنقه أهل إيران عامة وأهل أصفهان خاصة، فعملوا بقوله تعالى " ولكم في رسول الله أسوة حسنة " وتأسوا بالنبي وتولوا أهل بيته صلوات الله عليهم أجمعين وتمسكوا بخصالهم الحميدة، وعملوا بها، واصطبروا عليها ولاء لهم ومرضاة لله تعالى، حيث " لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم " فتغيرت طباعهم بفضل اهتدائهم بنهج أهل البيت عليهم السلام، فأنعم الله عليهم بأن أخرجهم من الظلمات إلى النور.
ومن شواهد ولائهم لمذهب أهل البيت عليهم السلام، تأسيسهم الحوزات العلمية منها الحوزة العلمية الجامعة المركزية والمدارس الدينية الفريدة من حيث الدرس والعمران والنفاسة، والمساجد العظيمة المزينة بالآيات القرآنية والزخرفة الاسلامية ذات الطابع الخاص بأهل هذا البلد، والزائر لأصفهان يشاهد آثارها الجلية.
ومن آثار تجسيد ولائهم لله ولرسوله وللأئمة عليهم السلام في أنفس امكانياتهم المادية والمعنوية ما يشاهد في شعرهم، وكتاباتهم ومهارة صناعاتهم للأضرحة المرصعة بالجواهر والأبواب الذهبية المهداة إلى المراقد المقدسة، وتفانيهم في احياء الشعائر الدينية في أيام عاشوراء وغيرها.
ومما يزيد هذه البلدة شرفا هو نبوغ جمهرة من العلماء الأعلام الذين أفنوا حياتهم في احياء ونشر تراث أهل البيت عليهم السلام، فملأت مؤلفاتهم القيمة المكتبات في جميع أرجاء العالم الاسلامي الكبير، نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر:
العلامة المجلسي الأول: صاحب روضة المتقين...
العلامة المجلسي الثاني: صاحب بحار الأنوار ومرآة العقول...
وصاحب عوالم العلوم، والشيخ البهائي وآثاره حية باقية إلى يومنا هذا.
والسيد أبو الحسن الأصفهاني الذي تصدى لزعامة الطائفة والحوزة العلمية في النجف الأشرف فكان بحق زعيم الشيعة في العالم أجمع.
ألا وان مقبرة لسان الأرض " تخت فولاد " - التي تأتي بعد مقبرة وادى السلام في النجف الأشرف - شاهد ناطق على ما تضمه من مجموعة لقباب علماء الشيعة الاعلام الذين أنجبتهم هذه المدينة.
وللمجلسي - رحمه الله - بيان حول هذا الحديث قال فيه:... والحمد لله الذي جعلهم من أشد الناس حبا لأهل البيت عليهم السلام وأطوعهم لأمرهم، وأوعاهم لعلمهم، وأشدهم انتظارا لفرجهم، حتى أنه لا يكاد يوجد من يتهم بالخلاف في البلد، ولا في شئ من قرائه القريبة أو البعيدة...
رزقنا الله وسائر أهل هذه البلاد نصرة قائم آل محمد صلى الله عليه وآله والشهادة تحت لوائه، وحشرنا معهم في الدنيا والآخرة.
(٥٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 540 541 542 543 544 545 547 548 549 550 551 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الباب الرابع عشر في أعلام النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام 489
2 فصل في أعلام رسول الله صلى الله عليه وآله 490
3 فصل في ذكر أعلام فاطمة البتول عليها السلام 524
4 فصل في أعلام أمير المؤمنين عليه السلام 541
5 فصل في أعلام الامام الحسن بن أمير المؤمنين عليه السلام 571
6 فصل في أعلام الامام الحسين بن علي عليه السلام 577
7 فصل في أعلام الامام علي بن الحسين عليه السلام 583
8 فصل في أعلام الامام محمد بن علي الباقر عليه السلام 589
9 فصل في أعلام الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام 606
10 فصل في أعلام الامام موسى بن جعفر الكاظم عليه السلام 649
11 فصل في أعلام الامام علي بن موسى الرضا عليه السلام 658
12 فصل في أعلام الامام محمد بن علي التقي عليه السلام 664
13 فصل في أعلام الامام علي بن محمد النقي عليه السلام 672
14 فصل في أعلام الامام الحسن بن علي العسكري عليه السلام 682
15 فصل في أعلام الامام الحجة بن الحسن المهدي (عج) 692
16 الباب الخامس عشر في الدلالات والبراهين على صحة إمامة الاثني عشر إماما عليهم السلام 706
17 فصل 791
18 الباب السادس عشر في نوادر المعجزات وفيه سبعة وعشرون فصلا: 792
19 الباب السابع عشر في الموازاة بين معجزات نبينا صلى الله عليه وآله ومعجزات أوصيائه عليهم السلام، ومعجزات الأنبياء عليهم السلام 875
20 باب في الكلام على الخرمية القائلين بتواتر الرسل بعد نبينا 877
21 فصل في إبطال قولهم 877
22 و فيه ثلاثة فصول: 879
23 باب في معجزات محمد صلى الله عليه وآله وأوصيائه عليهم السلام من جهة الأخلاق وفيه اثنا عشر فصلا: 883
24 باب في موازاة النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام للأنبياء عليهم السلام في المعجزات وغيرها 904
25 وفيه خمسة فصول 907
26 باب في أن معجزات النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام ليست ببدع فقد كان للأنبياء والأوصياء عليهم السلام معجزات وفيه أربعة وعشرون فصلا: 922