فقال مالك بن الحارث الأشتر: نزلت على غير ماء!
فقال: إن الله يسقينا في هذا المكان ماءا أصفى من الياقوت، وأبرد من الثلج.
فتعجبنا ولا عجب من قول أمير المؤمنين عليه السلام، فوقف على أرض.
فقال: يا مالك احتفر أنت وأصحابك. فاحتفرنا، فإذا نحن بصخرة سوداء عظيمة، فيها حلقة تبرق كاللجين (1) فلم نستطع أن نزيلها (2).
فقال علي عليه السلام: " اللهم إني أسألك أن تمدني بحسن المعونة " وتكلم بكلام حسبناه سريانيا.
ثم أخذها فرمى بها، فظهر لنا ماء عذب طيب، فشربنا وسقينا [دوابنا] ثم رد الصخرة عليه، وأمرنا أن نحثوا التراب عليها، فلما سرنا غير بعيد.
قال عليه السلام: من يعرف منكم موضع العين؟ قلنا: كلنا.
فرجعنا، فخفي علينا أشد خفاء. فإذا نحن بصومعة راهب، فدنونا منها ومنه، فقلنا: هل عندك ماء؟ فسقانا ماءا مرا خشنا (3).
فقلنا له: لو شربت من الماء الذي سقانا منه صاحبنا من عين هاهنا (4)!
فقال: صاحبكم نبي؟ قلنا: وصي نبي.
فانطلق معنا إلى علي عليه السلام فلما بصر به أمير المؤمنين عليه السلام.
قال: شمعون! قال: نعم، هذا اسم سمتني به أمي ما اطلع عليه أحد إلا الله.
ثم قال: ما اسم هذه العين؟
قال عليه السلام: اسمها " عين راحوما " (5) من الجنة شرب منها ثلاثمائة نبي، وثلاثمائة وصي، وأنا آخر (6) الوصيين شربت منها.