فاتبعوا أثري إذا صليت العشاء الآخرة.
فلما صلاها أخذ طريقه إلى ظهر الكوفة، فاتبعه سبعون رجلا كانوا في أنفسهم خيار الناس من شيعته.
فقال لهم علي عليه السلام: إني لست أريكم شيئا حتى آخذ عليكم عهد الله وميثاقه أن لا تكفروني (1) ولا ترموني بمعضلة، فوالله ما أريكم إلا ما علمني رسول الله صلى الله عليه وآله.
فأخذ عليهم العهد والميثاق أشد ما أخذ الله على رسله [من عهد وميثاق].
ثم قال: حولوا وجوهكم عني حتى أدعو بما أريد.
فسمعوه جميعا يدعو بدعوات [لا] (2) يعرفونها. ثم قال: حولوها (3).
فحولوها، فإذا جنات (4) وأنهار وقصور من جانب، والسعير تتلظى من جانب، حتى أنهم ما شكوا أنهما الجنة والنار.
فقال أحسنهم قولا: إن هذا لسحر عظيم! ورجعوا كفارا إلا رجلين.
فلما رجع مع الرجلين قال لهما: قد سمعتما مقالتهم، وأخذي العهود والمواثيق عليهم، ورجوعهم يكفرونني، أما والله إنها لحجتي عليهم (5) غدا عند الله، فان الله ليعلم أني لست بساحر ولا كاهن، ولا يعرف هذا لي، ولا لآبائي، ولكنه علم الله، وعلم رسوله أنهاه إلى رسوله وأنهاه إلي رسوله، وأنهيته إليكم، فإذا رددتم علي، رددتم على الله. حتى إذا صار إلى مسجد الكوفة دعا بدعوات يسمعان، فإذا حصى المسجد در وياقوت.
فقال لهما: ما الذي تريان؟ فقالا: هذا در وياقوت.
فقال: صدقتما، لو أقسمت على ربي فيما هو أعظم من هذا لأبر قسمي.