وإن المنطقة كانت عند سارة بنت إسحاق بن إبراهيم، وكانت سمية أم إسحاق وإن سارة هذه أحبت يوسف وأرادت أن تتخذه ولدا لنفسها، وإنها أخذت المنطقة فربطتها على وسطه، ثم سدلت عليه سرباله (1) ثم قالت ليعقوب: إن المنطقة قد سرقت.
فأتاه جبرئيل عليه السلام فقال: يا يعقوب إن المنطقة مع يوسف، ولم يخبره بخبر ما صنعت سارة لما أراد الله، فقام يعقوب إلى يوسف ففتشه - وهو يومئذ غلام يافع - واستخرج المنطقة، فقالت سارة ابنة إسحاق: مني سرقها يوسف فأنا أحق به.
فقال لها يعقوب: فإنه عبدك على أن لا تبيعيه ولا تهبيه.
قالت: فأنا أقبله على ألا تأخذه مني وأعتقه الساعة. فأعطاها إياه فأعتقته.
فلذلك قال إخوة يوسف: (إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل).
قال أبو هاشم: فجعلت أجيل (2) هذا في نفسي، وأفكر فيه، وأتعجب من هذا الامر مع قرب يعقوب من يوسف، وحزن يعقوب عليه حتى ابيضت عيناه من الحزن والمسافة قريبة! فأقبل علي أبو محمد عليه السلام فقال:
يا أبا هاشم تعوذ بالله مما جرى في نفسك من ذلك، فان الله تعالى لو شاء أن يرفع الستائر بين يعقوب ويوسف حتى كانا يتراءيان فعل، ولكن له أجل هو بالغه ومعلوم ينتهي إليه كل ما (3) كان من ذلك، فالخيار من الله لأوليائه. (4) 54 - ومنها: ما روى سعد بن عبد الله، عن محمد بن الحسن بن شمون (5) قال: كتبت إليه عليه السلام أشكو الفقر، ثم قلت في نفسي: أليس قال أبو عبد الله عليه السلام:
" الفقر معنا خير من الغنى مع غيرنا، والقتل معنا خير من الحياة مع غيرنا! ".