وكان من برهان كمالهما، وحجة اختصاص الله سبحانه لهما مباهلة (١) النبي صلى الله عليه وآله بهما عليهما السلام وبيعته لهما، ولم يبايع صبيا في ظاهر الحال غيرهما.
وقد نزل القرآن الكريم في سورة (هل أتى) بايجاب ثواب الجنة لهما على عملهما (٢) مع ظاهر الطفولية فيهما، ولم ينزل في مثلهما بذلك (٣) فعمهما قوله تعالى: ﴿إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءا ولا شكورا﴾ (4) مع أبيهما وأمهما، وتضمن نطقهما وضميرهما الدالين على الآية الباهرة (5) والحجة العظمى على الخلق بهما، كما تضمن عن نطق المسيح على نبينا وآله وعليه السلام في المهد.
فصل وأما علي بن الحسين عليهما السلام فإنه كان أفضل خلق الله تعالى بعد أبيه علما وعملا وكان اجتهاده، وعبادته، وزهده، وسيرته مع الخلق كلها خارقة للعادة.
عن الباقر عليه السلام: كان أبي يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة، وكانت الريح تميله بمنزلة السنبلة. (6) وقد بلغ من العبادة ما لم يبلغه أحد، وقد اصفر لونه من السهر، ورمضت (7) عيناه من البكاء، ودبرت (8) جبهته، وانخرم (9) أنفه من السجود، وورمت