قال: ففعلت وخرجنا وكان في أصحابي قائد من الشراة (1) وكان لي كاتب يتشيع وأنا على مذهب الحشوية (2) وكان ذلك الشاري يناظر ذلك الكتاب وكنت أستريح إلى مناظرتهما لقطع الطريق.
فلما صرنا إلى وسط الطريق (3) قال الشاري للكاتب: أليس من قول صاحبكم علي بن أبي طالب أنه ليس من (4) الأرض بقعة إلا وهي قبر أو ستكون قبرا؟
فانظر إلى هذه البرية (5) أين من يموت فيها حتى يملأها الله قبورا كما تزعمون؟
قال: فقلت للكاتب: أهذا من قولكم؟ قال: نعم. قلت: صدق أين من يموت في هذه البرية العظيمة حتى تمتلئ قبورا؟! وتضاحكنا ساعة (6) إذ انخذل الكاتب في أيدينا.
قال: وسرنا حتى دخلنا المدينة، فقصدت باب أبي الحسن علي بن محمد بن الرضا عليهم السلام فدخلت إليه (7) فقرأ كتاب المتوكل فقال: أنزلوا وليس من جهتي خلاف.
قال: فلما صرت إليه من الغد، وكنا في تموز أشد ما يكون من الحر، فإذا بين يديه خياط وهو يقطع من ثياب غلاظ خفاتين (8) له ولغلمانه، ثم قال للخياط: