الخرائج والجرائح - قطب الدين الراوندي - ج ١ - الصفحة ٣٨٩
إلى الشك ما وصلت إليه.
فعدت من الغد باكرا، فارتفعت عن الباب الأول، وصرت قبل الخيل (1) وما ورائي أحد أعلمه، وأنا أتوقع أن أجد (2) السبيل إلى الارشاد إليه، فلم أجد أحدا (3) حتى اشتد الحر والجوع جدا، حتى جعلت أشرب الماء أطفئ به حر ما أجد من الجوع والخواء (4).
فبينا أنا كذلك إذ أقبل نحوي غلام قد حمل خوانا عليه طعام وألوان (5)، وغلام آخر معه طشت وإبريق، حتى وضع بين يدي، وقالا: أمرك أن تأكل. فأكلت.
فما فرغت حتى (6) أقبل، فقمت إليه، فأمرني بالجلوس وبالأكل، فأكلت، فنظر إلى الغلام، فقال: كل معه ينشط (7)! حتى إذا فرغت ورفع الخوان (8)، وذهب الغلام ليرفع ما وقع من الخوان، من فتات الطعام، فقال: مه مه (9) ما كان في الصحراء فدعه، ولو فخذ شاة، وما كان في البيت فالقطه (10).
ثم قال: سل. قلت: جعلني الله فداك ما تقول في السمك؟

(١) الخيل: تستعمل على المجاز للفرسان وركاب الخيل.
وفي الهداية بلفظ " ثم عدت من الغد بكرة وما معي خلق ولا أرى خلقا وأنا أتوقع (السبيل إلى من أجد وينتهي خبري إليه وطال / ط) أن أحدا يأتي فطال على ذلك حتى اشتد الجوع... ".
(2) " آخذ " البحار.
(3) " أحدا أخذ " البحار.
(4) خوى الرجل خواء: خلا جوفه من الطعام وجاع. وفي البحار " جوى ".
يقال: جوى: أصابته حرقة وشدة وجد من عشق أو حزن.
(5) أي أنواع من المأكولات.
(6) " فلما فرغت " البحار.
(7) أي تطيب نفسه للاكل.
(8) ما يوضع عليه الطعام للاكل، وهو ما تسميه العامة " السفرة ".
(9) مه مه: اسم فعل مبني على السكون، بمعنى انكفف.
(10) لقط الشئ: أخذه من الأرض بلا تعب.
(٣٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 384 385 386 387 388 389 390 391 392 393 394 ... » »»
الفهرست