فقال رأس الجالوت - لما فرغ من تلاوته -: والله يا ابن محمد لولا الرئاسة التي قد حصلت لي على جميع اليهود لآمنت بأحماد، واتبعت أمرك، فوالله الذي أنزل التوراة على موسى، والزبور على داود، والإنجيل على عيسى ما رأيت أقرأ للتوراة والإنجيل والزبور منك، ولا رأيت أحدا أحسن بيانا وتفسيرا وفصاحة لهذه الكتب منك.
فلم يزل الرضا عليه السلام معهم في ذلك إلى وقت الزوال، فقال لهم - حين حضر وقت الزوال -: أنا أصلي وأصير إلى المدينة للوعد (1) الذي وعدت به والي المدينة ليكتب جواب كتابه، وأعود إليكم بكرة، إن شاء الله.
قال: فأذن عبد الله بن سليمان، وأقام، وتقدم الرضا عليه السلام فصلى بالناس، وخفف القراءة، وركع تمام السنة، وانصرف. فلما كان من الغد عاد إلى مجلسه ذلك فأتوه بجارية رومية، فكلمها بالرومية - والجاثليق يسمع، وكان فهما بالرومية - فقال الرضا عليه السلام - بالرومية - لها: أيما أحب إليك محمد أم عيسى؟
فقالت: كان فيما مضى عيسى أحب إلي حين لم أكن عرفت محمدا، فأما بعد أن عرفت محمدا، فمحمد الان أحب إلي من عيسى ومن كل نبي.
فقال لها الجاثليق: فإذا كنت دخلت في دين محمد فتبغضين عيسى؟
قالت: معاذ الله بل أحب عيسى وأؤمن به، ولكن محمدا أحب إلي.
فقال الرضا عليه السلام للجاثليق: فسر للجماعة ما تكلمت به الجارية، وما قلت أنت لها، وما أجابتك به. ففسر لهم الجاثليق ذلك كله (2)، ثم قال الجاثليق:
يا ابن محمد ههنا رجل سندي وهو نصراني صاحب احتجاج وكلام بالسندية (3) فقال له: أحضرنيه، فأحضره، فتكلم معه بالسندية، ثم أقبل يحاجه وينقله