الخلاف على الله ورسوله فلينصرف عني.
فسكتوا وساروا معه. فكان يسير بهم بين الجبال بالليل ويكمن في الأودية بالنهار وصارت السباع التي فيها كالسنانير (1) إلى أن كبس المشركين وهم غارون (2) آمنون وقت الصبح، فظفر بالرجال والذراري والأموال، فحاز ذلك كله، وشد الرجال في الحبال كالسلاسل، فلذلك سميت " غزاة ذات السلاسل ".
فلما كانت الصبيحة التي أغار فيها أمير المؤمنين عليه السلام على العدو - ومن المدينة إلى هناك خمس مراحل - خرج النبي صلى الله عليه وآله وصلى بالناس الفجر، وقرأ * (والعاديات) * في الركعة الأولى، وقال: " هذه سورة أنزلها الله علي في هذا الوقت يخبرني فيها بإغارة علي على العدو ".
وجعل حسده (2) لعلي حسدا له فقال: * (إن الانسان لربه لكنود) * (4) والكنود:
الحسود، وهو عمرو بن العاص ههنا، إذ هو كان يحب الخير، وهو الحياة حين أظهر الخوف من السباع ثم هدده الله تعالى. (5) 258 - ومنها: أن جابرا قال: إن الحكم بن أبي العاص عم عثمان بن عفان كان يستهزئ من رسول الله بخطوته في مشيته، ويسخر منه، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله [يمشي] يوما والحكم خلفه يحرك كتفيه ويكسر يديه خلف رسول الله استهزاءا منه بمشيته صلى الله عليه وآله فأشار رسول الله صلى الله عليه وآله بيده وقال: هكذا فكن.
فبقي الحكم على تلك الحال من تحريك أكتافه وتكسير يديه، ثم نفاه عن المدينة ولعنه، فكان مطرودا إلى أيام عثمان فرده إلى المدينة [وأكرمه]. (6)