259 - ومنها: أنه لما غزا تبوك كان معه من المسلمين خمسة وعشرون ألفا سوى خدمهم، فمر صلى الله عليه وآله في مسيره بجبل يرشح الماء من أعلاه إلى أسفله من غير سيلان، فقالوا: ما أعجب رشح هذا الجبل؟!
فقال صلى الله عليه وآله: إنه يبكي. قالوا: والجبل يبكي؟!
قال صلى الله عليه وآله: أتحبون أن تعلموا ذلك؟ قالوا: نعم.
قال صلى الله عليه وآله: أيها الجبل مم بكاؤك؟
فأجابه الجبل وقد سمعه الجماعة بلسان (1) فصيح: يا رسول الله صلى الله عليه وآله مر بي عيسى ابن مريم وهو يتلو: * (نارا وقودها الناس والحجارة) * (2) فأنا أبكي منذ ذلك اليوم خوفا من أن أكون من تلك الحجارة.
فقال صلى الله عليه وآله: أسكن من بكائك (3) فلست منها إنما تلك الحجارة " الكبريت ".
فجف ذلك الرشح من الجبل في الوقت، حتى لم ير شئ من ذلك الرشح، ومن تلك الرطوبة التي كانت. (4) 260 - ومنها: أنه لما صار بتبوك واختلف الرسل بين رسول الله صلى الله عليه وآله وملك الروم فطالت في ذلك الأيام حتى نفد الزاد فشكوا إليه نفاده، فقال صلى الله عليه وآله: من كان معه شئ من الدقيق أو تمر، أو سويق فليأتني.
فجاءه رجل (5) بكف تمر، والآخر بكف سويق، فبسط رداءه، وجعل ذلك عليه ووضع يده على كل واحد منها، ثم قال: نادوا في الناس: من أراد الزاد فليأت.
فأقبل الناس يأخذون الدقيق والتمر والسويق حتى ملأوا جميع ما كان معهم من