فقال له: والدي: قد وفقت في هذا.
قال: وخرج إلى حضرة المتوكل وانصرف إلينا بعد أيام قلائل فرحا مستبشرا (1).
فقال له والدي: حدثني حديثك.
قال: صرت إلى سر من رأى (2) وما دخلتها قط، فنزلت في دار وقلت: أحب أن أوصل المائة إلى ابن الرضا عليه السلام قبل مصيري إلى باب المتوكل، وقبل أن يعرف أحد قدومي. قال: فعرفت أن المتوكل قد منعه من الركوب، وأنه ملازم لداره فقلت:
كيف أصنع؟ رجل نصراني يسأل عن دار ابن الرضا؟! لا آمن أن ينذر (3) بي فيكون ذلك زيادة فيما أحاذره.
قال: ففكرت ساعة في ذلك، فوقع في قلبي (4) أن أركب حماري وأخرج في البلد، فلا أمنعه من حيث يذهب، لعلي أقف على معرفة داره من غير أن أسأل أحدا.
قال: فجعلت الدنانير في كاغدة، وجعلتها في كمي، وركبت فكان الحمار يخترق (5) الشوارع والأسواق يمر حيث يشاء إلى أن صرت إلى باب دار، فوقف الحمار فجهدت أن يزول فلم يزل، فقلت للغلام: سل لمن هذه الدار؟
فقيل: هذه دار [علي بن محمد] ابن الرضا! فقلت: الله أكبر دلالة والله مقنعة.