من العرب إلا وقد دخلت مظلمتي عليهم، وما زلت مظلوما حتى قعدت مقعدي هذا، إن كان عقيل بن أبي طالب ليرمد (1)، فما يدعهم يذرونه حتى يأتوني فاذر وما بعيني رمد، ثم كتب له بظلامته ورحل، فهاج الناس وقالوا: قد طعن على الرجلين فدخل عليه الحسن عليه السلام فقال: قد علمت ما شرب قلوب الناس من حب هذين. فخرج عليه السلام فقال: الصلاة جامعة. فاجتمع الناس فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، وقال:
أيها الناس إن الحرب خدعة، فإذا سمعتموني أقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله فوالله لئن أخر من السماء أحب إلي من [أن] أكذب على رسول الله كذبة، وإذا حدثتكم عن نفسي أن الحرب خدعة، ثم ذكر غير ذلك.
فقام رجل يساوي برأسه رمانة المنبر فقال: أنا أبرأ من الاثنين والثلاثة.
فالتفت إليه أمير المؤمنين عليه السلام، فقال: بقرت العلم في غير أوانه، لتبقرن كما بقرته فلما قدم ابن سمية (2) أخذه وشق بطنه، وحشا جوفه حجارة، وصلبه. (3) 14 - ومنها: ما روى حنان بن سدير، عن رجل من مزينة، قال: كنت جالسا عند علي عليه السلام، فأقبل إليه قوم من مراد [و] معهم ابن ملجم، فقالوا: يا أمير المؤمنين طرأ علينا، ولا والله ما جاءنا زائرا ولا منتجعا (4)، وإنا لنخافه عليك، فاشدد يدك به.
فقال له علي عليه السلام: اجلس، فنظر في وجهه طويلا، ثم قال له: أرأيتك إن سألتك عن شئ وعندك منه علم هل أنت مخبري به؟ قال: نعم. وحلف عليه.
فقال: أكنت تراضع الغلمان (5) وتقوم عليهم فكنت إذا جئت فرأوك من بعيد قالوا: قد جاءنا ابن راعية الكلاب؟ قال: اللهم نعم.