قال: فطار عقلي، وجئت إلى رحلي، ففتحت وأخذت الجزو والكيس والرزمة، فجئت إليه فوجدته في دار خراب، وبابه مهجور ما عليه أحد، وإذا بذلك الغلام قائم على الباب، فلما رآني دخل بين يدي، ودخلت معه، فإذا بسيدنا عليه السلام جالس على الحصير، وتحته شاذكونه (1) يمانية، فلما رآني ضحك وقال: " لا تقنط، ولم تفزع؟
لا إلى اليهود، ولا إلى النصارى والمجوس، أنا حجة الله ووليه، ألم يعرفك أبو حمزة على باب مسجد الكوفة جري أمري؟!.
قال: فأزاد ذلك في بصيرتي، وتحققت أمره. ثم قال لي: " هات الكيس " فدفعته إليه، فحله وأدخل يده فيه، وأخرج منه درهم شطيطة، وقال لي: هذا درهمها؟ " فقلت: نعم. فأخذ الرزمة وحلها وأخرج منها شقة قطن مقصورة، طولها خمسة وعشرون ذراعا " وقال لي: " إقرأ عليها السلام كثيرا "، وقل لها: قد جعلت شقتك في أكفاني، وبعثت إليك بهذه من أكفاننا، من قطن قريتنا صريا، قرية فاطمة عليها السلام، وبذر قطن، كانت تزرعه بيدها الشريفة لأكفان ولدها، وغزل أختي حكيمة بنت أبي عبد الله عليه السلام وقصارة (2) يده لكفنه فاجعليها في كفنك ".
ثم قال: " يا معتب جئني بكيس نفقة مؤناتنا " فجاء به، فطرح درهما فيه، وأخرج منه أربعين درهما، وقال: " إقرأها مني السلام، وقل لها: " ستعيشين تسع عشرة ليلة من دخول أبي جعفر، ووصول هذا الكفن، وهذه الدراهم، فانفقي منها ستة عشر درهما، واجعلي أربعة وعشرين صدقة عنك، وما يلزم عليك، وأنا أتولى الصلاة عليك، فإذا رأيتني فاكتم، فإن ذلك أبقى لنفسك، وافكك هذه الخواتيم وانظر هل أجبناك أم لا؟ قبل أن تجئ بدراهمهم كما أوصوك، فإنك رسول ".