فلم أظفر به، ولست أشك أنه دفنه في موضع وأخفاه عني لا رضي الله عنه.
فقال أبو جعفر صلوات الله عليه: " أفتحب أن تراه وتسأله أين موضع ماله؟ " فقال له: أجل فإني فقير محتاج. فكتب له أبو جعفر صلوات الله عليه كتابا " بيده الكريمة في رق أبيض، ثم ختمه بخاتمه، وقال: " اذهب بهذا الكتاب الليلة إلى البقيع حتى تتوسطه، ثم تنادي:
يا ذرجان (1) فإنه سيأتيك رجل معتم، فادفع إليه الكتاب وقل له: أنا رسول محمد بن علي بن الحسين بن زين العابدين - صلوات الله عليه - واسأله عما بدا لك ".
قال: فأخذ الرجل الكتاب وانطلق، فلما كان من الغد أتيت أبا جعفر صلوات الله عليه متعمدا " لأنظر ما كان حال الرجل، فإذا هو على باب أبي جعفر ينتظر حتى أذن له، فدخلنا عليه.
فقال له الرجل: الله أعلم حيث يجعل رسالته، وعند من يضع علمه، قد انطلقت بكتابك الليلة حتى توسطت البقيع، فناديت يا ذرجان (2) فأتاني رجل معتم، فقال: أنا ذرجان (3)، فما حاجتك؟
فقلت: أنا رسول محمد بن علي بن الحسين صلوات الله عليهم إليك، وهذا كتابه. فقال: مرحبا " برسول حجة الله على خلقه. وأخذ الكتاب وقرأه، وقال: أتحب أن ترى أباك؟ قلت: نعم. قال: فلا تبرح من موضعك حتى آتيك به، فإنه بضجنان (4).
فانطلق فلم يلبث إلا قليلا " حتى أتاني برجل أسود، في عنقه حبل أسود فقال لي: هذا أبوك، ولكن غيره اللهب، ودخل الجحيم وجرع الحميم، والعذاب الأليم. فقلت: أنت أبي؟! قال: نعم.
قلت: ما غيرك عن صورتك؟!.