له: قل. فقال: رأيت البارحة رؤيا في أبي عبد الله المحدث. فذكر، فكان كما ذكرته من غير زيادة ولا نقصان، فقلت له: أنا رأيت مثل ذلك، وكنت هممت بإتيانك لأذكره لك، فاذهب بنا الان مع المصحف لنحلف له أنا رأينا ذلك، ولم نتواطأ عليه، وننصح له ليرجع عن هذا الاعتقاد.
فقمنا ومشينا إلى باب داره، فإذا الباب مغلق، فقرعنا، فجاءت جارية وقالت: لا يمكن أن يرى الان. فرجعت، ثم قرعنا الباب ثانية فجاءت وقالت: لا يمكن ذلك. فقلنا ما وقع له؟ فقالت: إنه قد وضع يده على عينه، ويصيح من نصف الليل، ويقول: إن علي بن أبي طالب قد أعماني. ويستغيث من وجع العين فقلنا لها: افتحي الباب فإنا قد جئناه لهذا الامر. ففتحت، فدخلنا، فرأيناه على أقبح هيئة، ويستغيث ويقول: مالي ولعلي بن أبي طالب، ما فعلت به، فإنه قد ضرب بقضيب على عيني البارحة وأعماني.
قال جعفر: وذكرنا له ما رأينا في المنام، وقلنا له: ارجع عن اعتقادك الذي أنت عليه، ولا تطول لسانك فيه. فأجاب وقال: لا جزاكما الله خيرا "، لو كان علي بن أبي طالب أعمى عيني الأخرى لما قدمته على أبي بكر وعمر. فقمنا من عنده، وقلنا: ليس في هذا الرجل خير.
ثم رجعنا إليه بعد ثلاثة أيام لنعلم ما حاله فلما دخلنا عليه وجدناه أعمى بالعين الأخرى، فقلنا له: أما تغيرت؟! فقال: لا والله، لا أرجع عن هذا الاعتقاد، فليفعل علي بن أبي طالب ما أراد. فقمنا ورجعنا.
ثم عدنا إليه بعد أسبوع لنعلم إلى ما وصل حاله، فقيل: إنه قد دفن (5) وارتد ابنه، ولحق بالروم تعصبا " على علي بن أبي طالب