من منازل هارون من موسى عليهما السلام إلا أنه لا نبي بعدي فعلمنا ان جميع ما أثبته له مما استحقه هارون من موسى في حياته و هو مثبت له من بعده لأنه الوقت الذي قرنه بالاستثناء ولو كان الامر على ما ذكره الخصم من أنه أراد بذلك أيام حياته لقال أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي معي أو لا نبي في حياتي وفي نفيه لما يرده بعده دليل على أنه قد أثبت له ما اراده بعده والحمد لله فإن قال الخصم ما تنكرون من أن يكون مراده صلى الله عليه وآله بقوله إلا أنه لا نبي بعدي إنما هو بعد كوني نبيا وذلك يقتضي حال الحياة قلنا أنكرنا ذلك من قبل ان لفظه بعد إذا خرجت مخرج قول النبي صلى الله عليه وآله أوجبت بالعرف والعادة حال الوفاة التي هي بهد حال الحياة دون ان يوجب حالا في الحياة الا ترى إلى قوله صلى الله عليه وآله لأمير المؤمنين عليه السلام تقاتل بعدي الناكثين والقاسطين والمارقين وقوله ستغدر بك الأمة من بعدي وقوله ستفرق كلمتكم من بعدي وقوله إلا لا ترجعن بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض كل ذلك يفيد بعد وفاتي ولذلك قول القائل فلان وصيي من بعدي والقائم مقامي من بعدي فإن المعنى فيه بعد موتى وهذا يبطل ما ظنه الخصم على أنه لو سلم له ما أدعاه وبلغ منه مناه لم يخرج عن الحق الذي قصدناه لأن نفي النبوة بعده ينتظم بعد كونه نبيا في حياته وبعد وفاته والى آخر الأبد وما ثبت لأمير المؤمنين عليه السلام في متضمن اللفظ من المنازل التي لم تنتف بنفي النبوة يجب ان يثبت له في سائر أحوال النفي حتى يكون خليفته في حياته في كل حال غاب فيها عن أمته وخليفته من بعده ما دامت حياته صلى الله عليه وآله وهذا واضح لمن تأمله (الجواب) عن السؤال الخامس وأما الحجة على أن الخلافة الواجبة لأمير المؤمنين عليه السلام بنص رسول الله صلى الله عليه وآله في هذا الخبر تجب له بعده بغير فصل دون ان يكون المراد بذلك وجوبها له بعد عثمان فهي واضحة من وجوه (أحدها) انا قد بينا استحقاقه للخلافة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله بهذا الخبر وانه القائم بعده مقام هارون لو بقي بعد موسى عليهما السلام وأقمنا الدليل على أن هارون لو بقي لكان خليفة لموسى من بعده يليه بغير فصل فعلمنا ان أمير المؤمنين عليه السلام كذلك وانه خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله الذي يليه من بعده بغير فصل (والوجه الثاني) ان قول النبي صلى الله عليه وآله في الخبر الا انه لا نبي بعدي قد أفاد انه الخليفة بعده بما قدمنا بيانه وقد علمنا أن نفيه للنبوة بعده لا يتخصص بزمان دون زمان بل يعم جميع الأوقات والأحوال فيجب ان يكون الثابت لأمير المؤمنين عليه السلام في الخبر عاما بعده في جميع الأوقات غير مخصص بحال دون حال فهو الخليفة من بعده على الفور وما اتصل ببقائه الزمان وقد تقدم هذا
(٢٧٩)