الوقت الذي أمات الله تعالى العبد فيه قد كان قادرا على أن لا يميته فيه بل يبقيه بدلا من ذلك ويحييه فيكون هذا هو تأخير اجله والزيادة في عمره والوقت الذي أحياه الله تعالى فيه كان قادرا على أن يميته بدلا من ذلك فيه ولا يحييه فيكون هذا هو تقديم اجله والنقص من عمره وجميع ذلك في العقل غير مستحيل وهو المعنى الذي ذهبنا إليه فإن قال فإذا علم سبحانه انه يحيي عبده هذا مائة سنة حسبما تقتضيه عنده المصلحة فكيف يصح مع ذلك ان يزيد في هذا المبلغ أو ينقص قلنا يصح ان يعلم أن المصلحة تقتضي ان يكون عمره مائة سنة ما لم يفعل شيئا معينا فمتى فعله اقتضت المصلحة ان يزيده على المائة عشرين سنة أو ينقصه منها عشرين وهذا أيضا غير مستحيل فإن قال أفليس الله تعالى عالما بان العبد سيفعل ما تتغير المصلحة عند فعله أو لا يفعله قلنا بلى ان الله تعالى عالم به وبكل كائن قبل كونه وبما لا يكون ان لو كان كيف يكون حاله فإن قال فإذا كانت حاله معلومة له فقد حصل عمره معلوما فلا معنى للزيادة والنقص ههنا قلنا إنما ذلك على وجه التقدير الذي قد كان ممكنا غير مستحيل وان هذا الممكن لو كان كيف كانت تكون الحال من تأخير في الاجل وتقديم وقد أخبر الله تعالى عن قوم نوح عليه السلام بأنهم لو امنوا لا زال عنهم العذاب وأمدهم بالأموال والأولاد واخرهم إلى أجل مسمى فقال حكاية عن نوح عليه السلام * (يا قوم استغفروا ربكم انه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا) * نوح هذا ومع علمه سبحانه وعلم نوح انهم لا يستغفرون ولا يتوبون وانهم بأسرهم يغرقون وقال عز وجل * (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض) * الأعراف ولا يكون ذلك الا وهم احياء وإنما عني أهل القرى التي أهلكها فأخبر انهم لو آمنوا لأحياهم وانعم عليهم وهو يعلم أنهم لا يؤمنون وانه سيهلكهم وقد قال النبي صلى الله عليه وآله ان صلة الرحم تزيد في العمر فأخبر عليه السلام ان عمر العبد يكون مقدرا معلوما عند الله تعالى وان هو وصل رحمه زاد الله تعالى في عمره والله تعالى عالم بان هذا العبد ان لم يصل رحمه مات في وقت كذا وان هو وصلها عاش إلى وقت كذا وهو مع هذا كله عالم بما يكون منه وهل يصله أم لا يصله قال الله عز وجل * (وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب) * فاطر فإن قال السائل فما تقولون في المقتول لو لم يقتل أكان يجوز ان يبقى حيا أو كان منيته غير هذا أم لا قيل له كل ذلك جائز وجوازه على قسمين أحدهما بمعنى انا نشك فيه لعدم دليل القطع على حقيقته بما يكون منه والثاني بمعنى ان
(٢٦٨)