وخليفته في أمته وهذا بين لمن تدبره (الجواب) عن السؤال الرابع اعلم أن الكلام في هذا السؤال هو معظم ما يدور بينك وبين المخالفين إذا استدللت بهذا الخبر وفي احكام هذا الجواب عنه حسم مادة ما يوردونه عليك من العتب والشغب لانهم ابدا يقولون إذا ثبت لكم بهذا الخبر الاستخلاف فما الدليل على أن رسول الله صلى الله عليه وآله أراد به استخلاف أمير المؤمنين عليه السلام في حياته وبعد مماته دون ان يكون مراده قصر هذا الامر على أيام حياته فقط ويقولون هذا أشبه لأن خلافة هارون لموسى عليهما السلام لم تكن إلا في حياة موسى ولو أراد بذلك النص على خلافته له من بعده لقال أنت مني بمنزلة يوشع من موسى لأن خلافة موسى عليه السلام من بعده كانت ليوشع دون غيره فعن هذا جوابان أحدهما في قوله أنت مني بمنزلة هارون من موسى فوائد لا يحصل مثلها لو قال أنت مني بمنزلة يوشع من موسى وقال إنه يدل على أن أمير المؤمنين عليه السلام أعلى الناس قدرا عند رسول الله صلى الله عليه وآله وانه تاليه في الفضل والعلم كما أن هارون من موسى عليه السلام وكان خليفته في حياته إذا غاب ولو بقي بعد موسى لكان أحق بخلافته من يوشع فجمع رسول الله صلى الله عليه وآله لأمير المؤمنين عليه السلام بقوله أنت مني بمنزلة هارون من موسى هذه الخصال فهو أعلى الناس قدرا ومحلا وهو تاليه في العلم والفضل وخليفته في حياته ولما بقي بعده كان أحق الناس بخلافته ولو قال له أنت مني بمنزلة يوشع من موسى لم يعطه من جميع ما ذكرناه إلا الخلافة من بعده فقط ولم يبق بعد هذا أكثر من أن نبين ان هارون لو بقي بعد موسى كان أحق بالخلافة من يوشع والذي يدل على ذلك أنه قد ثبت خلافته له في حال حياته بقوله تعالى * (وقال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي وأصلح) * وفي ثبوتها له في حال حياته وجوب حصولها له لو بقي بعد وفاته لأن خروجها عنه في حال من الأحوال مع بقائه حط له عن رتبة عالية كان عليها وصرف له عن ولايته عظيمة فوض إليه الامر فيها وذلك يقتضي الضعة منه وغاية التنفير عنه لأنه خلافة النبوة ليست كالخلافة على قرية ومدينة وإنما هي النيابة عن النبي عليه السلام في جميع ما كان يتولاه من أمر الأمة والقيام مقامة في اصلاح أمور الكافة من تعليمهم وتهذيبهم ووعظهم وتأديبهم وزجرهم وتخويفهم وتوقيفهم وتعريفهم وهذا يقتضي التدين بفرض طاعته وغاية التبجيل والتعظيم له فمتى حط عن هذه المرتبة بعد كونه عليها وانزل عن درجة الخلافة التي رقي إليها زال ما كان له في النفوس من
(٢٧٧)