ظل الأرض وليس النهار عاما ولا الليل أيضا عاما وهي تطلع على قوم قبل قوم وتغرب عن قوم قبل قوم والجهة التي تطلع الشمس والكواكب منها هي المشرق وريحها يقال له الصبا والجهة التي تغرب منها هي المغرب ويقال لريحها الدبور وإذا توجه القائم إلى جهة المشرق كانت الجهة التي عن يمينه الجنوب وريحها تسمى باسمها والجهة التي عن شماله الشمال وريحها تسمى باسمها وكل ريح أتت بين جهتين فهى نكباء وتسمى أيضا النعامي والمسكون من الأرض هو المائل إلى جهة الشمال والربع الذي إلى جهة الجنوب غير مسكون ويقال انه ليس به حيوان ومنه يأتي النيل ولذلك لا يصل أحد إلى مبتداه وبقية الأرض غطاها الماء المالح وهو البحر الأعظم الذي أطرافه يقال له بحر المحيط ومن هذا البحر خليجان داخلان إلى الربع العامر يتقاربان فنهاية أحدهما الغرماء ونهاية الأخر القلزم وبينهما من المسافة قدر (فصل) من الكلام ان الله تعالى لا يجوز ان يكون له مكان (اعلم) أيدك الله ان المكان عندنا هو ما أحاط بالمتمكن فلما كان الله تعالى لا يجوز ذلك عليه لأنه يقتضي حصره وتناهيه علم أنه لا يجوز ان يكون في مكان ومن خالفنا في حد المكان قال إنه ما تمكن عليه وتصرف فيه وهذا لا يجوز أيضا على الله تعالى لأن المتمكن معتمد ومماس أيضا لمكانه والاعتماد والمماسة من صفات المحدثين والله تعالى قديم فعلم أنه لا يكون في مكان وذو المكان أيضا قد حصل له حيز فصار في جهة دون جهة ولا يكون كذلك إلا جسم أو بعض جسم وقد ثبت ان الله تعالى ليس بجسم ولا بعض جسم فعلم بطلان المكان ثم إنه لو كان له مكان لم يخل مكانه من حالين أما ان يكون قديما أو محدثا ولا يصح ان يكون قديما لمشاركته لله تعالى في القدم وقد ثبت انه لا قديم الا هو وحده ولو كان المكان محدثا لكان الله سبحانه قبل احداثه له لا يخلو من قسمين أما ان يكون محتاجا إلى المكان أو مستغنيا عنه ولا يجوز ان يكون لم يزل محتاجا إليه لما في ذلك من صفة النقص الذي لا يكون للقديم وإن كان غنيا عنه قبل وجوده فلا يجوز ان يحتاج إليه بعد ذلك لأن حاجته تخرجه عن قدمه وتشابه بينه وبين خلقه فوجب نفي المكان عنه فإن قيل أليس من قولكم ان الله تعالى بكل مكان قلنا بلى ومعنى ذلك أنه عالم بكل مكان وبما فيه حافظ له وهذا معروف في اللغة يقول القائل لصاحبه اعلم اني معك حيث كنت واني لا
(٢٣٧)