فيه فمن وجده وتأمله أغناه في معناها عما سواه، إن شاء الله 1.
المسألة السادسة عشرة. قال 2 السائل: إذا صح النص 3 بحديث الغدير وغيره وكانت الأنصار قد سمعت ذلك وعرفته، فكيف دعت إلى أنفسها؟ أتراها أنسيت 4 ذلك حين اجتمعت 5 على سعد بن عبادة أم عاندت فيه؟ وما بالهم لما رأوا الأمر خارجا عنهم إلى قريش لم يذعنوا بالحق ويظهروا ما أبطنوه، ويردوا الأمر إلى صاحبه، ويمنعوا قريشا منه بذكر النص والاحتجاج به؟
والجواب - وبالله التوفيق -: أن الأنصار لم تنس ذلك النص ولا جهلت معناه، وإنما أقدمت على طلب الأمر والاستبداد به كما يقدم المسلم على ارتكاب محظور على غير الاستحلال له، لدواع تدعوه إلى ذلك، وشهوات واستعجال اللذات، ومحبة التأمر في الدنيا والرياسات، ولا يكون بفعله ذلك ناسيا للشرع ولا معاندا فيه.
فصل. فأما تركهم الاقرار بالنص عند خروج الأمر عنهم، فذلك لأسباب اقتضته:
أحدها: طمعهم في نيله من بعد. فلو اعترفوا بالنص لأيسوا من الظفر به مع حصوله في المنصوص عليه.
الثاني 6: أنهم كرهوا أن يظهروا ضلالهم فيما سبق منهم من 7 ادعاء الأمر فأمسكوا عن الاقرار بالحق لذلك.