المسائل الجارودية - الشيخ المفيد - الصفحة ١٥
وأما فيما يتعلق بمسائل العبادات فإن مذهب الزيدية هذا يشترك مع بقية الشيعة في مميزات معينة انفردوا بها بوصفهم فرقة من فرق. من ذلك قولهم في الأذان: حي على خير العمل، والتكبير خمس مرات في صلاة الجنازة، رفض المسح على الخفين، ورفض الصلاة خلف الفاجر، وعدم أكل ذبايح غير المسلمين، وهم فيما يتعلق بأحكام الزواج يحرمون الزواج من غيرهم، ولا يجوزون على كل حال زواج المتعة. وهنا نجد أفرادا من الزيدية يوافقون أفرادا من أهل السنة في مخالفة أفراد آخرين من الزيدية ومن أهل السنة بحيث أصبح مذهب الزيدية في الفقه بمثابة مذهب خامس إلى جانب المذاهب الأربعة.
وقد صور لنا أبو الحسن عبد الله بن مفتاق الزيدي ذلك تصويرا واضحا ملموسا بأن جعل اسم كتابه (المنتزع المختار من الغيث المدرار) (1).
ولا بد بطبيعة الحال أن تكون الآراء قد اتحدت في الدولة الزيدية الحالية اتحادا كبيرا.
أبو الجارود، مؤسس مذهب الجارودية:
قد سبق أن الجارودية فرقة من الزيدية، منسوبة إلى مؤسسة أبي الجارود، ونقلنا من نشوان الحميري: أن الزيدية الموجودين هم الذين ينتسبون إلى الجارودية، ولم يبق ساير فرق الزيدية.
وسترى أن أبا الجارود غير معتمد بل مطعون عند أهل السنة والشيعة.
مع أن كثيرا من المسائل الاعتقادية مستندة إلى أقوال النبي وأصحابه بالإسناد، وكذلك فقه الزيدية، حيثما كان أكثر مسائله مأخوذة من فقه الأحناف، وفقههم مستندة في الأكثر إلى الأحاديث الواردة عن النبي (ص) بالرواية. فإذا لم يكن إمام المذهب ثقة عند الفريقين فكيف يمكن الاستناد إلى قوله وروايته في

(1) الجزء الأول، طبعة القاهرة 1328 ه‍.
(١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 ... » »»