ظنه، بل اعتقد أنه بعض أهل الزمان.
وقد كان من غيبة موسى بن عمران عليه السلام عن وطنه وفراره (1) من فرعون ورهطه ما نطق به الكتاب (2)، ولم يظهر عليه أحد مدة غيبته عنهم فيعرف له مكانا، حتى ناجاه الله عز وجل وبعثه نبيا، فدعا إليه وعرفه الولي والعدو إذ ذاك.
وكان من قصة يوسف بن يعقوب عليهما السلام ما جاءت به سورة كاملة بمعناه (3)، وتضمنت ذكر استتار خبره عن أبيه، وهو نبي الله تعالى يأتيه الوحي منه سبحانه صباحا ومساء، وأمره مطوي عنه وعن إخوته، وهم يعاملونه ويبايعونه ويبتاعون منه ويلقونه (4) ويشاهدونه فيعرفهم ولا يعرفونه، حتى مضت على ذلك السنون وانقضت (5) فيه الأزمان، وبلغ من حزن أبيه عليه السلام عليه - (6) لفقده، ويأسه من لقائه، وظنه خروجه من الدنيا بوفاته - ما انحنى له ظهره، وأنهك (7) به جسمه، وذهب لبكائه عليه بصره.
وليس في زماننا (8) الآن مثل (9) ذلك، ولا سمعنا بنظير له في سواه.