درجة من منبره، فلما حشد المسجد بأهله قام رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فحمد الله وأثنى عليه، وقال:
الحمد لله الذي رفع السماء فبناها، وبسط الأرض فدحاها، وأثبتها بالجبال فأرساها وأخرج منها ماءها ومرعاها، الذي تعاظم عن صفات الواصفين، وتجلل عن تحبير لغات الناطقين، وجعل الجنة ثواب المتقين، والنار عقاب الظالمين، وجعلني رحمة للمؤمنين، ونقمة على الكافرين (1).
عباد الله، إنكم في دار أمل، بين حياة وأجل، وصحة وعلل، دار زوال، وتقلب أحوال (2)، جعلت سببا للارتحال، فرحم الله امرءا قصر من أمله، وجد في عمله، وأنفق الفضل من ماله، وأمسك الفضل من قوته، فقدمه (3) ليوم فاقته.
يوم تحشر فيه الأموات، وتخشع فيه (4) الأصوات، وتنكر الأولاد والأمهات، * (وترى الناس سكارى وما هم بسكارى) * (5).
* (يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق ويعلمون أن الله هو الحق المبين) * (6).
* (يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء وتود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا) * (7).
* (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره) * (8).
ليوم تبطل فيه الأنساب، وتقطع الأسباب، ويشتد فيه على المجرمين الحساب، ويدفعون إلى العذاب، فمن زحزح على النار وادخل الجنة فقد فاز، وما الحياة الدنيا