وبكم رحى الاسلام، ودر حلب البلاد، وخضعت بغوة الشرك، وهدأت روعة الهرج، وخبت نار الحرب، واستوسق (1) نظام الدين، فأنى جرتم بعد البيان، ونكصتم بعد الإقدام، عن قوم * (نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون) * (2).
ألا أرى والله أن [قد] أخلدتم إلى الخفض، وركنتم إلى الدعة، فعجتم (3) عن الدين ومججتم (4) الذي استوعيتم، ودسعتم (5) ما استرعيتم، ألا و * (إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا فإن الله لغني حميد * ألم يأتكم نبؤا الذين من قبلكم قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله جاءتهم رسلهم بالبينات فردوا أيديهم في أفواههم وقالوا إنا كفرنا بما أرسلتم به وإنا لفي شك مما تدعوننا إليه مريب) * (6).
ألا وقد قلت الذي قلت على معرفة مني بالخذلة التي خامرتكم، ولكنها فيضة النفس، ونفثة الغيظ، وبثة الصدر، ومعذرة الحجة، فدونكم فاحتقبوها (7) دبرة الظهر (8)، ناقبة الخف، باقية العار، موسومة بشنار الأبد، موصولة بنار الله الموقدة، التي تطلع على الأفئدة، إنها عليهم مؤصدة، في عمد ممددة.
فبعين الله ما تفعلون، * (وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون) * (9)، وأنا ابنة نذير لكم بين يدي عذاب شديد، فاعملوا إنا عاملون، وانتظروا إنا منتظرون، * (وسيعلم