وبلغاؤه إلى الأمم، زعيم لله فيكم، وعهد قدمه إليكم، وبقية استخلفها عليكم: كتاب الله، بينة بصائره، وآي منكشفة سرائره، وبرهان فينا متجلية ظواهره، مديم للبرية استماعه، وقائد إلى الرضوان أتباعه، ومؤد إلى النجاة أشياعه، فيه تبيان حجج الله المنورة (1)، ومواعظه المكررة، وعزائمه المفسرة، ومحارمه المحذرة، وأحكامه الكافية، وبيناته الجالية، وفضائله المندوبة، ورخصه الموهوبة، ورحمته المرجوة، وشرائعه المكتوبة.
ففرض الله عليكم الإيمان تطهيرا لكم من الشرك، والصلاة تنزيها لكم عن الكبر، والزكاة تزييدا في الرزق، والصيام إثباتا للاخلاص، والحج تشييدا للدين، والحق تسكينا للقلوب، وتمكينا للدين، وطاعتنا نظاما للملة، وإمامتنا لما للفرقة، والجهاد عزا للاسلام، والصبر معونة على الاستيجاب (2)، والأمر بالمعروف مصلحة للعامة، والنهي عن المنكر تنزيها للدين (3)، والبر بالوالدين وقاية من السخط، وصلة الأرحام منماة للعدد، وزيادة في العمر، والقصاص حقنا للدماء، والوفاء بالنذور (4) تعرضا للمغفرة، ووفاء المكيال والميزان تغييرا للبخس (5) والتطفيف، واجتناب قذف المحصنة حجابا عن اللعنة، والتناهي عن شرب الخمور تنزيها عن الرجس، ومجانبة السرقة إيجابا للعفة، والتنزه عن أكل مال اليتيم والاستئثار به إجارة من الظلم، والنهي عن الزنا تحصنا من المقت، والعدل في الأحكام إيناسا للرعية، وترك الجور في الحكم إثباتا للوعيد، والنهي عن الشرك إخلاصا له بالربوبية.
فاتقوا الله حق تقاته، ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون، ولا تتولوا مدبرين، وأطيعوه فيما أمركم ونهاكم، فإنما يخشى الله من عباده العلماء، فاحمدوا الله الذي