والأضاليل التي ابتدعها المبتدعون الذين لم يذقهم الله حلاوة الإيمان والعلم، وجعلهم بنجوة منه وبمعزل عنه، وليحمد هذه الطائفة القليلة النزرة الله حق حمده على ما من به عليها من الثبات على نظام الإمامة وترك الشذوذ عنها كما شذ الأكثر ممن كان يعتقدها، وطار يمينا وشمالا وأمكن الشيطان منه ومن قياده وزمامه، يدخله في كل لون، ويخرجه من آخر حتى يورده كل غي، ويصده عن كل رشد، ويكره إليه الإيمان، ويزين له الضلال، ويجلي في صدره قول كل من قال بعقله، وعمل على قياسه، ويوحش عنده الحق، واعتقاد طاعة من فرض الله طاعته، كما قال عز وجل في محكم كتابه حكاية لقول إبليس لعنه الله: (لأغوينهم أجمعين * إلا عبادك منهم المخلصين) ((1))، وقوله تعالى أيضا: (ولأضلنهم ولأمنينهم) ((2))، وقوله: (لأقعدن لهم صراطك المستقيم) ((3)) أليس أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول في خطبته: أنا حبل الله المتين، وأنا الصراط المستقيم، وأنا الحجة على خلقه أجمعين بعد رسوله الصادق الأمين (صلى الله عليه وآله) ((4))، ثم قال عز وجل حكاية لما ظنه إبليس: (ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين) ((5)).
فاستيقظوا رحمكم الله من سنة الغفلة، وانتبهوا من رقدة الهوى، ولا يذهبن عنكم ما يقوله الصادقون (عليهم السلام) صفحا باستماعكم إياه بغير أذن واعية وقلوب مفكرة وألباب معتبرة متدبرة لما قالوا، أحسن الله إرشادكم، وحال بين إبليس لعنه الله وبينكم حتى لا تدخلوا في جملة أهل الاستثناء من الله بقوله عز وجل: