والله شانئ لأعماله، ومثله كمثل شاة من الأنعام ضلت عن راعيها أو قطيعها، فتاهت ذاهبة وجائية، وحارت يومها، فلما جنها ((1)) الليل بصرت بقطيع غنم مع راعيها، فحنت إليها واغترت بها، فباتت معها في ربضتها ((2))، فلما أصبحت وساق الراعي قطيعه أنكرت راعيها وقطيعها، فهجمت متحيرة تطلب راعيها وقطيعها، فبصرت بسرح غنم آخر مع راعيها، فحنت إليها واغترت بها، فصاح بها راعي القطيع ((3)): أيتها الشاة الضالة المتحيرة إلحقي براعيك وقطيعك فإنك تائهة متحيرة قد ضللت عن راعيك وقطيعك، فهجمت ذعرة متحيرة تائهة لا راعي لها يرشدها إلى مرعاها، أو يردها إلى مربضها، فبينما هي كذلك إذ اغتنم الذئب ضيعتها ((4)) فأكلها.
وهكذا والله يا بن مسلم من أصبح من هذه الأمة لا إمام له من الله عز وجل أصبح تائها، متحيرا ضالا، إن مات على هذه الحال مات ميتة كفر ونفاق، واعلم - يا محمد - أن أئمة الحق وأتباعهم هم الذين على دين الله، وأن أئمة الجور لمعزولون عن دين الله وعن الحق، فقد ضلوا وأضلوا، فأعمالهم التي يعملونها كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف، لا يقدرون مما كسبوا على شئ وذلك هو الضلال البعيد " ((5)).
حدثنا علي بن أحمد، عن عبيد الله بن موسى، عن محمد بن أحمد القلانسي، عن إسماعيل بن مهران، عن أحمد بن محمد، عن عبد الله بن بكير وجميل بن دراج،