الكتاب من سر النبي صلى الله عليه وآله إلى علي عليه السلام وإخباره إياه بما يكون وذلك من علم غيب الله الذي أظهره عليه دليل وشاهد لمقامه الذي أقامه فيه، إذ لم يكن غيره يدعي ذلك معه، ولا يدعيه أحد له.
والحديث المأثور عن رسول الله صلى الله عليه وآله الذي يرويه عنه الخاص والعام، أنه ذكر القرآن، فقال: فيه نبأ من مضى من قبلكم وخبر من يأتي من بعدكم وحكم ما بينكم، هل يدعي أحد من الناس أو يدعي له أنه يعلم من القرآن خبر ما كان وما يأتي، والحكم بين الناس غير من أودعه الله علم تأويله، وهم أئمة دينه الذين أودعهم ذلك، ولسنا نقول إنهم يعلمون الغيب كله، ولكنا نقول من ذلك ما قاله الله عز وجل من القول الذي حكينا من كتابه، إنهم إنما يعلمون ما علمهم الله ورسوله مما غيبه عن غيرهم وجعله شاهدا " لإمامتهم من شئ قد خصوا به دون غيرهم، كمثل ما حكيناه في هذا الكتاب عن علي عليه السلام مما قد رواه عنه الخاص والعام ولا يدفعه أحد من أهل العلم.
فأما حشو الناس وجهالهم وعوامهم، فإنهم إذا سمعوا هذا عن أولياء الله أنكروه وتعاظموه وكذبوا به، وإذا جاءهم مثله عن أصحاب المخاريق ممن يدعي الكهانة والقضايا بالنجامة (1) وأمثالهم من المتخرصين (2) من شرار الناس، قبلوه منهم وصدقوهم فيه. وقد جاء النهي من رسول الله صلى الله عليه وآله عن تصديقهم والوعيد الشديد من قبل عنهم وصدقهم، وجاءت الأخبار عنه صلى الله عليه وآله بالإخبار عما يكون مما كان كثير منه وينتظر مما يكون ما لم يكن بعد كثير، روى ذلك عنه الخاص والعام، وكان ذلك مما يشهد لنبوته، ولذلك أودع ما أودعه من