به إليه من علم غيبه، وبأن ينقل من ذلك في الأئمة من ولده ما جعل له أن ينقله فيهم، ومن ذلك قوله الله جل من قائل " عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا ". إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا ". ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم وأحاط بما لديهم وأحصى كل شئ عددا " " (1) فقد ارتضى جل ذكره محمدا " صلى الله عليه وآله من رسله وأطلعه على ما شاء أن يطلعه عليه من علم غيبه، الذي غيبه عن جميع خلقه دون الرسل، وأطلق الرسل من ذلك أن يعلموا أوصياءهم ما أطلقه لهم من ذلك، وأطلق للأوصياء أن يودعوا الأئمة، وينقلوا إليهم، وينقل بعضهم إلى بعض من ذلك ما أطلقه سبحانه بالوحي إلى رسله ليبلغوا ذلك عنه إلى من أذن لهم في الإبلاغ إليهم، ولم يفض ذلك العلم على الرسل وحدهم، ومن ذلك قوله جل من قائل: " وما صاحبكم بمجنون " (2)، يعني محمدا " رسول الله صلى الله عليه وآله. " ولقد رآه بالأفق المبين، وما هو على الغيب بضنين " - والضنين: الشحيح -، فلم يشح صلى الله عليه وآله بما علمه الله من علم غيبه على وصيه بما جعل له منه، ولا ضمن الوصي من ذلك بما جعل للأئمة من بعده عنده، بل أعطى ذلك من يليه حسب ما جعل له منه مما ينتقل فيهم واحدا " بعد واحد، ورمز الوصي عليه السلام من ذلك وأبدى للأمة ما ينبغي أن يبديه ويرمز به لهم ليكون ذلك شاهدا " على وصيه، وكذلك بيدي كل إمام ويرمز بقدر ما ينبغي أن يرمز ويبدي مما صار إليه ليكون ذلك شاهدا " لإمامته كما ذكر رسول الله صلى الله عليه وآله للأمة ما شهد لنبوته، وسنذكر في هذا الكتاب بعض ما ينبغي أن نذكره فيه مما انتهى الينا عن أئمتنا عليهم السلام من ذلك إن شاء الله. والذي ذكرته في هذا
(٢٩٤)