الأولى، ولذا أنكروا حجية الاجماع المنقول على من ادعى دخوله فيها، بناء على أن الذي يدعيه جزما بخبر عن المعصوم جزما ناشئا عن الحدس.
ويمكن رفعه بأن المتيقن من الخارج، هو ما لم يكن له مبادئ محسوسة، وأمور حسية يلزم من العلم بها، العلم بالمخبر عنه الغير المحسوس. ولذا لم يعدوا الاخبار عن الشجاعة، والسخاء، والعدالة، بناء على تفسيرها بالملكة من الاخبار الحدسية، بل وجميع الصفات النفسانية حسنة كانت، أو قبيحة.
وكذا الاخبار عن الولادة، والنسب، وأمثالها، مما يكون الاخبار عن نفس المخبر عنه بالحدس، وإنما كان سبب علمه ما سمعه أو رآه، وعلى ذلك فلا بأس بعد الخبر المذكور من قبيل الأخبار المذكورة، ويشهد لذلك أنهم كثيرا ما يعتمدون في نقل الفتاوى عل كتب الأصحاب، ويرتبون عليها آثارها من غير أن يعلم استناد الموجود منها عنده إلى صاحبه، إلا بأمور حدسية، كذكر هذا الكتاب في ترجمته، ومطابقة ما نقل عنه بما وجده فيه، أو وجود خط بعض العلماء على هوامشه، أو إجازاتهم في آخره أو ظهره، وغير ذلك من الامارات التي أغلبها حدسية، ولا يقتصرون في النقل على الكتب المعروفة، التي تلقاها الأصحاب خلفا عن السلف بالقراءة، والسماع، والمناولة، كجملة من كتب الشيخ الطوسي، والفاضلين، وأضرابهم، وهذا من الوضوح بمكان لا يحتاج إلى نقل الشواهد، وذكر الأمثال، نعم ليس بناؤهم على الاعتماد على كل امارة وقرينة، بل على ما يوجب للناظر القطع، أو الاطمئنان التام، والوثوق المعتد به، وإن كان تمامها أو بعضها حدسية.
وأما على ما نراه من عدم انحصار الحجية من الاخبار في الصحيح المصطلح، بل دليل الحجية يشمله وكل خبر حصل من الامارات الداخلية أو الخارجية الوثوق بصدوره، والاطمئنان بوروده، ولعله هو الصحيح عند القدماء، فالأمر سهل كما لا يخفى.
ثم نقول: ومن الممكن أن يكون الثقتان الصالحان، اللذان أتيا بالكتاب